وَكَذَلِكَ إذَا سَلَّمَ وَقَد بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ صَلَاتِهِ ثُمَّ أَكْمَلَهَا فَقَد أَتَمَّهَا، وَالسَّلَامُ مِنْهَا زَيادَةٌ، وَالسُّجُودُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ إرْغَامٌ لِلشَّيْطَانِ.
وَأَمَّا إذَا شَكَّ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الرَّاجِحُ فَهُنَا: إمَّا أَنْ يَكُونَ صَلَّى أَرْبَعًا أَو خَمْسًا فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا فَالسَّجْدَتَانِ يَشْفَعَانِ لَهُ صَلَاتَهُ، لِيَكُونَ كَأَنَّهُ قَد صَلَّى سِتًّا لَا خَمْسًا، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ السَّلَامِ.
فَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي نَصَرْنَاهُ هُوَ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِيهِ جَمِيعُ الْأَحَادِيثِ، لَا يُتْرَكُ مِنْهَا حَدِيثٌ مَعَ اسْتِعْمَالِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ، وَإِلْحَاقُ مَا لَيْسَ بِمَنْصُوصِ بِمَا يُشْبِهُهُ مِن الْمَنْصُوصِ.
وَأَمَّا وُجُوبُهُ: فَقَد أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّم لِمُجَرَّدِ الشَّكِّ.
وأَمَرَ بِالسَّجْدَتَيْنِ إذَا زَادَ أَو إذَا نَقَصَ، وَمُرَادُهُ: إذَا زَادَ مَا نُهي عَنْهُ، أَو نَقَصَ مَا أُمرَ بِهِ.
فَفِي هَذَا إيجَابُ السُّجُودِ لِكُلِّ مَا يَتْرُكُ مِمَّا أُمرَ بِهِ إذَا تَرَكَهُ سَاهِيًا، وَلَمْ يَكُن تَرْكُهُ سَاهِيًا مُوجِبًا لِإِعَادَتِهِ بِنَفْسِهِ، وَإِذَا زَادَ مَا نُهي عَنْهُ سَاهِيًا.
فَعَلَى هَذَا: كُلُّ مَأْمُورٍ بِهِ فِي الصَّلَاةِ إذَا تَرَكَهُ سَاهِيًا:
أ - فَإمَّا أَنْ يُعِيدَ إذَا ذَكَرَهُ.
ب - وَإِمَّا أنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ.
لَا بُدَّ مِن أَحَدِهِمَا.
فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ فِيهَا كُلُّهَا يَأْمُرُ السَّاهِيَ بِسَجْدَتَي السَّهْوِ وَهُوَ:
أ - لَمَّا سَهَا عَنِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ سَجَدَهُمَا بِالْمُسْلِمِينَ قَبْلَ السَّلَامِ.
ب - وَلَمَّا سَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِن رَكْعَتَيْنِ أَو مِن ثَلَاثٍ صَلَّى مَا بَقِيَ وَسَجَدَهُمَا بِالْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الصَّلَاةِ.