للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبْطَلَ جَمِيعَ الْوَظَائِفِ الْمُحْدَثَةِ بِالشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ وَمِصْرَ وَالْحِجَازِ. [٣٢/ ٦٠]

٣٩٦٢ - وسُئِلَ الشَّيْخُ -قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ-: عَن رَجُلٍ مُتَوَلٍّ وِلَايَاتٍ، وَمُقْطِعِ إقْطَاعَاتٍ، وَعَلَيْهَا مِن الْكُلَفِ السُّلْطَانِيَّةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَهُوَ يَخْتَارُ أَنْ يُسْقِطَ الظُّلْمَ كُلَّهُ، وَيَجْتَهِدَ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَأَقْطَعَهَا غَيْرَهُ وَوَلَّى غَيْرَهُ فَإِنَّ الظُّلْمَ لَا يُتْرَكُ مِنْهُ شَيْءٌ؛ بَل زبَّمَا يَزْدَادُ، وَهُوَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُخَفِّفَ تِلْكَ الْمُكُوسَ الَّتِي فِي إقْطَاعِهِ (١).

فَأجَابَ: نَعَمْ، إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا فِي الْعَدْلِ وَرَفْعِ الظُّلْمِ بِحَسَبِ إمْكَانِهِ وَوِلَايَتِهِ خَيْرٌ وَأَصْلَحُ لِلْمُسْلِمِينَ مِن وِلَايَةِ غَيْرِهِ، وَاسْتِيلَاؤُهُ عَلَى الْإِقْطَاعِ خَيْرٌ مِن اسْتِيلَاءِ غَيْرِهِ كَمَا قَد ذُكِرَ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْوِلَايَةِ وَالْإِقْطَاعِ، وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ بَل بَقَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ أَفْضَلُ مِن تَرْكِهِ إذَا لَمْ يَشْتَغِلْ إذَا تَرَكَهُ بِمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ.

وَقَد يَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاجِبًا إذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ غَيْرُهُ قَادِرًا عَلَيْهِ.

فَنَشْرُ الْعَدْلِ -بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ- وَرَفْعُ الظُّلْمِ -بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ-: فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ يَقُومُ كُلُّ إنْسَانٍ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِن ذَلِكَ إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ مَقَامَه، وَلَا يُطَالَبُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِمَا يَعْجِزُ عَنْهُ مِن رَفْعِ الظُّلْمِ.

وَالْمُقْطِعُ الَّذِي يَفْعَلُ هَذَا الْخَيْرَ: يَرْفَعُ عَن الْمُسْلِمِينَ مَا أَمْكَنَهُ مِن الظُّلْمِ، وَيَدْفَعُ شَرَّ الشِّرِّيرِ، بِأَخْذِ بَعْضِ مَا يُطْلَبُ مِنْهُمْ.

فَمَا لَا يُمْكِنُهُ رَفْعُهُ هُوَ مُحْسِنٌ إلَى الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، يُثَابُ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِيمَا يَأْخُذُهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا أَخَذَهُ، وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا فِي الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ (٢). [٣٠/ ٣٥٦ - ٣٥٨]

* * *


(١) السائل عبر عن الضرائب بالمكوس وبالْكُلف، والشيخ أقره على ذلك، فهذا يدل على ما ذكرته قبل ذلك في الحاشية بأنّ الضرائب والمكوس والْكُلف معناها واحد.
(٢) هذا من مراعاة الشيخ لمقاصد الشريعة، ودفع أشر الشرين، وارتكاب أخف الضررين.

<<  <  ج: ص:  >  >>