وَذَكَرَ أَنَّهُم مِن ذُرِّيَّةٍ الْمَجُوسِ، وَذَكَرَ مِن مَذَاهِبِهِم مَا بَيَّنَ فِيهِ أَنَّ مَذَاهِبَهُم شَرٌّ مِن مَذَاهِبِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ بَل وَمِن مَذَاهِبِ الْغَالِيَةِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ إلَهِيَّةَ عَلِيٍّ أَو نُبُوَّتَة، فَهُم أَكْفَرُ مِن هَؤُلَاءِ.
بَل مَا ظَهَرَ عَنْهُم مِن الزَّنْدَقَةِ وَالنِّفَاقِ وَمُعَادَاةِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم- دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ نَسَبِهِم الْفَاطِمِيِّ؛ فَإِنَّ مَن يَكُونُ مِن أَقَارِب النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- الْقَائِمَيْنِ بِالْخِلَافَةِ فِي أُمَّتِهِ لَا تَكُونُ مُعَادَاتُهُ لِدِينِهِ كَمُعَادَاةِ هَؤُلَاءِ؛ فَلَمْ يُعْرَفْ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَلَا وَلَدِ أَبِي طَالِبٍ وَلَا بَنِي أُمَيَّةَ مَن كَانَ خَلِيفَة وَهُوَ مُعَادٍ لِدِينِ الْإِسْلَامِ، فَضْلًا عَن أَنْ يَكونَ مُعَادِيًا كَمُعَادَاةِ هَؤُلَاءِ؛ بَل أَوْلَادُ الْمُلُوكِ الَّذِينَ لَا دِينَ لَهُم فَيَكُونُ فِيهِمْ نَوْعُ حَمِيَّةٍ لِدِينِ آبَائِهِمْ وَأَسْلَافِهِمْ، فَمَن كَانَ مِن وَلَدِ سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ الَّذِي بَعَثَهُ اللهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ كَيْفَ يُعَادِي دِينَهُ هَذِهِ الْمُعَادَاةَ؟ وَلهَذَا نَجِدُ جَمِيعَ الْمَأْمُونِينَ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا مُعَادِينَ لِهَؤُلَاءِ إلَّا مَن هُوَ زِنْدِيقٌ عَدُوٌّ للهِ وَرَسُولِهِ، أَو جَاهِلٌ لَا يَعْرِفُ مَا بُعِثَ بِهِ رَسُولُهُ.
وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى كفْرِهِمْ وَكَذِبِهِم فِي نَسَبِهِمْ.
وَكَانَ فِي أَثْنَاءِ دَوْلَتِهِمْ يَخَافُ السَّاكِنُ بِمِصْر أَنْ يَرْوِيَ حَدِيثًا عَن رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَيُقْتَلُ، كَمَا حَكَى ذَلِكَ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الْحَبَّالُ صَاحِبُ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، وَامْتَنَعَ مِن رِوَايَةِ الْحَدِيثِ خَوْفًا أَنْ يَقْتُلُوهُ، وَكَانُوا يُنَادُونَ بَيْنَ الْقَصْرَيْنِ: مَن لَعَنَ وَسَبَّ فَلَهُ دِينَارٌ وَإِرْدَبٌّ.
وَكَانَ بِالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ عِدَّةُ مَقَاصِيرَ يُلْعَنُ فِيهَا الصَّحَابَةُ؛ بَل يُتَكَلَّمُ فِيهَا بِالْكُفْرِ الصَّرِيحِ، وَكَانَ لَهُم مَدْرَسَةٌ بِقُرْبِ الْمَشْهَدِ الَّذِي بَنَوْهُ وَنَسَبُوهُ إلَى الْحُسَيْنِ، وَلَيْسَ فِيهِ الْحُسَيْنُ وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
وَلأَجْلِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِن الزَّنْدَقَةِ وَالْبِدْعَةِ بَقِيَت الْبِلَادُ الْمِصْرِيَّةُ مُدَّةَ دَوْلَتِهِمْ نَحْو مِائَتَيْ سَنَةٍ قَد انْطَفَأَ نُورُ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، حَتَّى قَالَتْ فِيهَا الْعُلَمَاءُ: إنَّهَا كَانَت دَارَ رِدَّةٍ وَنفَاقٍ كَدَارِ مُسَيْلِمَةِ الْكَذَّابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute