للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ أَيْضًا (١)، كَمَن كَانَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّبَرُّعِ، ثُمَّ تبَيَّنَ أَنَّهُ حَقُّهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعْطَائِهِ ثَانِيًا.

وَالرّوَايَةُ الَّتِي تُرْوَى عَن أَحْمَد: أَنَّ النَّاسَ فِيهِ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ فِي نِيَّتِهِ، عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ بِحَسَبِ مَا يَعْلَمُهُ النَّاسُ، كَمَا فِي "السُّنَنِ" عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ" (٢).

وَقَد تَنَازَعَ النَّاسُ فِي "الْهِلَالِ": هَل هُوَ اسْمٌ لِمَا يَطْلُعُ فِي السَّمَاءِ وَإِن لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ؟ أَو لَا يُسَمَّى هِلَالًا حَتَّى يَسْتَهِلَّ بِهِ النَّاسُ ويعْلَمُوهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ (٣). [٢٥/ ٩٨ - ١٠٢]

٣٠٨٥ - إنْ حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين غيم أو قتر فصومه جائز، لا واجب ولا حرام، وهو قول طوائف من السلف والخلف، وهو مذهب أبي حنيفة، والمنقولات المستفيضة عن أحمد إنما تدل على هذا، ولا أصل للوجوب في كلامه ولا في كلام أحد من الصحابة -رضي الله عنهم-.

وحكي عن أبي العباس أنه كان يميل أخيرًا إلى أنه لا يستحب صومه (٤). [المستدرك ٣/ ١٦٩ - ١٧٠]

* * *


(١) هذا من تيسير الشيخ رَحِمَه الله على الأمة، وحبه لليسر والرفق بالناس.
(٢) رواه أبو داود (٢٣٢٤)، وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود (٢٣٢٤).
(٣) واختار الشيخ القول الثاني كما تقدم حيث قال: قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إذَا وَقَفَ النَّاسُ يَوْمَ الْعَاشِرِ خَطَأَ أَجْزَأَهُمْ، فَالصَّوَابُ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَلَا خَطَأَ فِي ذَلِكَ، بَل يَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يُعَرِّفُ فِيهِ النَّاسُ، وَالْهِلَالُ إنَّمَا يَكُونُ هِلَالًا إذَا اسْتَهَلَّهُ النَّاسُ، وَإِذَا طَلَعَ وَلَمْ يَسْتَهِلُّوهُ فَلَيْسَ بِهِلَالِ.
(٤) واختار العلَّامة ابن عثيمين رَحِمَه الله تحريم صومه وقال: وأصح هذه الأقوال هو التحريم، ولكن إذا رأى الإمام وجوب صوم هذا اليوم، وأمر الناس بصومه، فإنه لا ينابذ، ويحصل عدم منابذته بألا يظهر الإنسان فطره، وإنما يفطر سرًّا.
والمسألة هنا لم يثبت فيها دخول الشهر، أما لو حكم ولي الأمر بدخول الشهر فالصوم واجب. اهـ. الشرح الممتع (٦/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>