القول الثاني: أنه لا يملك مطالبة الضامن إلا إذا تعذرت مطالبة المضمون عنه بموت، أو غيبة، أو مماطلة، أو فقر، فإذا تعذرت مطالبة المضمون عنه فله أن يطالب الضامن. وحجة هؤلاء أنه لا يرجع للفرع مع تمكن الاستيفاء من الأصل، فإذا أمكن الرجوع إلى الأصل فإنه يستغنى به عن الفرع، وهذا اختيار شيخنا عبد الرحمن السعدي رحمه الله وعمل الناس اليوم على هذا القول. أما في المحاكم: فالظاهر أنهم يحكمون بالمذهب وأن صاحب الحق إذا طالب الضامن ألزم بأن يدفع عنه الحق الذي ضمنه. ولو أنه شرط فقال: إنك لا تطالبني إلا إذا تعذر مطالبة المضمون عنه، فالقاعدة على المذهب أن كل شرط يخالف مقتضى العقد فإنه لا يصح، ومعلوم أنه إذا كان مقتضى العقد مطالبة الرجلين جميعًا، فإنه إذا شرط ألا يطالب الضامن إلا إذا تعذر مطالبة المضمون عنه صار منافيًا لمقتضى العقد. ولكن الصحيح -حتى لو قلنا: بأن له مطالبة الرجلين- أنه إذا اشترط الضامن ألا يطالبه إلا إذا تعذر مطالبة المضمون عنه، فالصحيع أنه شرط صحيح؛ لعموم قوله: (المسلمون على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلًالا". الشرح الممتع (٩/ ١٨٦ - ١٨٨).