للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَهَؤلَاءِ يَحْكُونَ فِي الْوَرَعِ الْفَاسِدِ حِكَايَاتٍ بَعْضُهَا كَذِبٌ مِمَن نقِلَ عَنْهُ وَبَعْضُهَا غَلَطٌ، كَمَاْ يَحْكُونَ عَن الْإِمَامِ أحْمَد: أَنَّ ابْنَهُ صَالِحًا لَمَّا تَوَلَّى الْقَضَاءَ لَمْ يَكُن يَخْبِزُ فِي دَارِهِ، وَأَنَّ أَهْلَهُ خَبَزُوا فِي تَنُّورِهِ فَلَمْ يَأَكُل الْخُبْزَ؛ فَأَلْقَوْهُ فِي دِجْلَة فَلَمْ يَكُن يَأْكُلُ مِن صَيْدِ دِجْلَة!

وَهَذَا مِن أَعْظَمِ الْكَذِبِ وَالْفِرْيَةِ عَلَى مِثْل هَذَا الْإِمَامِ، وَلَا يَفْعَلُ مِثْل هَذَا إلَّا مَن هُوَ مِن أَجْهَلِ النَّاسِ أَو أَعْظَمِهِمْ مَكْرًا بِالنَاسِ وَاحْتِيَالًا عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَقَد نَزَّهَهُ اللهُ عَن هَذَا وَهَذَا.

وَكُلُّ عَالِمٍ يَعْلَمُ أَنَّ ابْنَهُ لَمْ يَتَوَلَّ الْقَضَاءَ فِي حَيَاتِهِ وَإِنَّمَا تَوَلَّاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.

وَلَكِنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ الْمُتَوَكِّلُ قَد أَجَازَ أَوْلَادَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ جَوَائِزَ مِن بَيْتِ الْمَالِ، فَأَمَرَهُم أَبُو عَبْدِ اللهِ أَنْ لَا يَقْبَلُوا جَوَائِزَ السُّلْطَانِ فَاعْتَذَرُوا إلَيْهِ بِالْحَاجَةِ فَقَبِلَهَا مَن قَبِلَهَا مِنْهُم فَتَرَكَ الْأَكْلَ مِن أَمْوَالِهِمْ، وَالِانْتِفَاعَ بِنِيرَانِهِمْ فِي خُبْزٍ أَو مَاءٍ، لِكَوْنِهِمْ قَبِلُوا جَوَائِزَ السُّلْطَانِ.

وَسَأَلُوهُ عَن هَذَا الْمَالِ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ فَقَالَ: لَا.

فَقَالُوا: أَنَحُجُّ مِنْهُ؛ فَقَالَ: نَعَمْ.

وَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُ إنَّمَا امْتَنَعَ مِنْهُ لِئَلَّا يَصِيرَ ذَلِكَ سَبَبًا إلَى أَنْ يُدَاخِلَ الْخَلِيفَةَ فِيمَا يُرِيدُ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "خُذ الْعَطَاءَ مَا كَانَ عَطَاءً، فَإِذَا كَانَ عِوَضًا عَن دِينِ أَحَدِكمْ فَلَا يَأْخُذْهُ" (١). [٢٩/ ٣١١ - ٣١٣]

٤٩٣٣ - لَمْ يُرَغِّب النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي أَكْلِ الْبِطّيخِ، وَجَمِيعُ مَا يُرْوَى مِن هَذَا الْجِنْسِ فَهُوَ كَذِبٌ.

وَأَمَّا أَكْلُ الْبِطّيخِ بِالرُّطَبِ فَهُوَ كَأَكْلِ الْقِثَّاءِ بِالرُّطَبِ، وَالْحَدِيثُ بِذَلِكَ أَصَحُّ، وَالْمُرَادُ بِهِ حَلَاوَةُ هَذَا وَرُطُوبَةُ هَذَا.


(١) رواه أبو داود (٢٩٥٨)، وضعَّفه الألباني في ضعيف أبي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>