للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سألت الله لآجال مضروبة وآثار مبلوغة، وأرزاق مقسومة" (١) ففيه أن العمر لا يطول بهذا السبب الذي هو الدعاء فقط. [المستدرك ١/ ١٩٩ - ٢٠٠]

١٥٥٥ - قَوْلُهُ تعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} قِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ؛ أَيْ: مَا يُعَمَّرُ مِن عُمُرِ إنْسَانٍ وَلَا يُنْقَصُ مِن عُمُرِ إنْسَانٍ.

وَقَد يُرَاد بِالنَّقْصِ النَّقْصُ مِن الْعُمُرِ الْمَكْتُوبِ، كَمَا يُرَاد بِالزِّيَادَةِ الزِيَادَةُ فِي الْعُمُرِ الْمَكْتُوبِ.

وَالْجَوَابُ الْمُحَقَّقُ: أَنَّ اللهَ يَكْتُبُ لِلْعَبْدِ أَجَلًا فِي صُحُفِ الْمَلَائِكَةِ، فَإِذَا وَصَلَ رَحِمَهُ زَادَ فِي ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ.

وَإِن عَمِلَ مَا يُوجِبُ النَّقْصَ نَقَصَ مِن ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ.

وَهَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْت كتَبَتْنِي شَقِيًّا فَامْحُنِي وَاكْتُبْني سَعِيدًا فَإِنَّك تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ.

فَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ: إنَّ الْمَحْوَ وَالْإِثْبَاتَ فِي صُحُفِ الْمَلَائِكَةِ.

وَأَمَّا عِلْمُ اللهِ سُبْحَانَهُ فَلَا يَخْتَلِفُ وَلَا يَبْدُو لَهُ مَا لَمْ يَكُن عَالِمًا بِهِ، فَلَا مَحْوَ فِيهِ وَلَا إثْبَاتَ.

وَأَمَّا اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ فَهَل فِيهِ مَحْوٌ وإِثْبَاتٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. [١٤/ ٤٩٠ - ٤٩٢]

١٥٥٦ - أَمَّا نَقْصُ الْعُمُرِ وَزَيادَتُهُ فَمِن النَاسِ مَن يَقُولُ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ، وَيُحْمَلُ مَا وَرَدَ عَلَى زَيادَةِ الْبَرَكَةِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَحْصلُ نَقْصٌ وَزِيادَة عَمَّا كُتِبَ فِي صُحُفِ الْمَلَائِكَةِ، وَأَمَّا عِلْمُ اللهِ الْقَدِيمُ فَلَا يَتَغَيَّرُ، وَأَمَّا اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ: فَهَل يُغَيَّرُ مَا فِيهِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَعَلَى هَذَا يَتَّفِقُ مَا وَرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ مِن النُّصُوصِ. [٢٤/ ٣٨١]

١٥٥٧ - قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨]، فَلَا يَخْشَاهُ إلَّا عَالِمٌ، فَكُلُّ خَاشٍ للهِ فَهُوَ عَالِمٌ.


(١) رواه مسلم (٢٦٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>