٤١٥ - يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُونَ إلَى شَيْئَيْنِ (١):
أَحَدُهُمَا: مَعْرِفَةُ مَا أرَادَ اللهُ وَرَسُولُهُ -صلى الله عليه وسلم- بِأَلْفَاظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، بِأَنْ يَعْرِفُوا لُغَةَ الْقُرْآنِ الَّتِي بِهَا نَزَلَ، وَمَا قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُم بِإِحْسَانٍ وَسَائِرُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَعَانِي تِلْكَ الْأَلْفَاظِ.
فَإِنَّ الرَّسُولَ لَمَّا خَاطَبَهُم بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَرِّفَهُم مَا أَرَادَ بِتِلْكَ الْألْفَاظِ، وَكَانَت مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ لِمَعَانِي الْقُرْآنِ أَكْمَلَ مِن حِفْظِهِمْ لِحُرُوفِهِ، وَقَد بَلَّغُوا تِلْكَ الْمَعَانِيَ إلَى التَّابِعِينَ أَعْظَمَ مِمَّا بَلَّغُوا حُرُوفَهُ.
وَلَا يَحْفَظُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ إلَّا الْقَلِيلُ مِنْهُمْ -وَإِن كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مِن الْقُرْآنُ يَحْفَظُهُ مِنْهُم أَهْلُ التَّوَاتُرِ-.
فَالْمَقْصُودُ أَنَّ مَعْرِفَةَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وَمَا أَرَادَهُ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ: هُوَ أَصْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ وَالسَّعَادَةِ وَالنَّجَاةِ، ثُمَّ مَعْرِفَةُ مَا قَالَ النَّاسُ فِي هَذَا الْبَابِ ليَنْظُرَ الْمَعَانِيَ الْمُوَافِقَةَ لِلرَّسُولِ وَالْمَعَانِيَ الْمُخَالِفَةَ لَهَا.
وَالْأَلْفَاظُ نَوْعَانِ:
أ- نَوْعٌ يُوجَدُ فِي كَلَامِ اللهِ وَرَسُولِهِ.
ب- وَنَوْعٌ لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ اللهِ وَرَسُولِهِ.
فَيَعْرِفَ مَعْنَى الْأوَّلِ، وَيجْعَلُ ذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ الْأصْلَ، وَيعْرِفُ مَا يَعْنِيهِ النَّاسُ بِالثَّانِي ويُرَدَّ إلَى الْأَوَّلِ.
هَذَا طَرِيقُ أهْلِ الْهُدَى وَالسُّنَّةِ.
وَطَرِيقُ أهْلِ الضَّلَالِ وَالْبِدَعِ بِالْعَكْسِ، يَجْعَلُونَ الْأَلْفَاظَ الَّتِي أَحْدَثُوهَا وَمَعَانِيهَا هِيَ الْأَصْلَ، وَيجْعَلُونَ مَا قَالَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ تبَعًا لَهُمْ، فَيَرُدُّونَهَا بِالتَّأوِيلِ وَالتَّحْرِيفِ إلَى مَعَانِيهِمْ، وَيَقُولُونَ: نَحْنُ نُفَسِّرُ الْقُرْآنَ بِالْعَقْلِ وَاللُّغَةِ، يَعْنُونَ أَنَّهُم
(١) لم يذكر الثاني.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute