للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَعَ كُلِّ طَائِفَةٍ حَقٌّ، وَأَنَّ عَلِيًّا -رضي الله عنه- أَقْرَبُ إلَى الْحَقِّ.

وَأَمَّا الَّذِينَ قَعَدُوا عَن الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ؛ كَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمَا -رضي الله عنه-: فَاِتَّبَعُوا النُّصُوصَ الَّتِي سَمِعُوهَا فِي ذَلِكَ عَن الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ (١).

وَكَذَلِكَ آلُ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: لَهُم مِن الْحُقُوفِ مَا يَجِبُ رِعَايَتُهَا؛ فَإِنَّ اللهَ جَعَلَ لَهُم حَقًّا فِي الْخُمُسِ وَالْفَيْءِ، وَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِم مَعَ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لَنَا: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ" (٢).

وَآلُ مُحَمَّدٍ: هُم الَّذِينَ حَرُمَتْ عَلَيْهِم الصَّدَقَةُ، هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُمَا مِن الْعُلَمَاءِ -رَحِمَهُمُ اللهُ-؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّد وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ" (٣).

وَقَد كَانَت الْفِتْنَةُ لَمَّا وَقَعَتْ بِقَتْلِ عُثْمَانَ وَافْتِرَاقِ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ: صَارَ قَوْمٌ مِمَن يُحِبُّ عُثْمَانَ ويغْلُو فِيهِ يَنْحَرِفُ عَن عَلِيِّ -رضي الله عنه-؛ مِثْلُ كَثِيرٍ مِن أَهْلِ الشَّامِ مِمَن كَانَ إذ ذَاكَ يَسُبُّ عَلِيًّا -رضي الله عنه- ويُبْغِضُهُ.

وَقَوْمٌ مِمَن يُحِبُّ عَلِيًّا -رضي الله عنه- وَيغْلُو فِيهِ يَنْحَرِفُ عَن عُثْمَانَ -رضي الله عنه-؛ مِثْلُ كَثِيرٍ مِن أَهْلِ الْعِرَاقِ مِمَن كَانَ يُبْغِضُ عُثْمَانَ وَيَسُبُّهُ -رضي الله عنه-.

ثُمَّ تغلظت بِدْعَتُهُم بَعْدَ ذَلِكَ، حَتَّى سَبُّوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ -رضي الله عنهما-، وَزَاد الْبَلَاءُ بِهِم حِينَئِذٍ.

فَهَذَا مَوْضِعٌ يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَثَبَّتَ فِيهِ، وَيَعْتَصِمَ بِحَبْلِ اللهِ؛ فَإِنَّ السُّنَّةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعِلْمِ، وَالْعَدْلِ، وَالِاتِّبَاعِ لِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم-.


(١) وهو الذي اختاره الشيخ رَحِمَه الله في مواضع أخرى.
(٢) رواه البخاري (٣٣٧٠)، ومسلم (٤٠٦).
(٣) رواه النسائي (٢٦١٢)، وأحمد (٧٧٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>