للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له الغلام: أخطأت يا خراساني، قال: فيم؟ قال: في أخذ الشىء النقي بالشمال، وقد نهي عنه، قال: فمد اليمنى باسطا إلى الخادم [١] ليصب عليه الحرض، فقال: أخطأت يا خراساني، قال: فيم، ولا يأخذ الشىء بعد اليسرى إلا باليمنى، قال الغلام: ولكن إذا صبّ الحرض على يمينك، ثم ألقيته على يسارك، تكون عملت عملا واحدا مرتين، ولكن خذ المحرضة باليمنى، وصب الحرض بها على اليسرى، ثم ردّ المحرضة، وقد أخذت الشىء النقي باليمين، ولم يجد العائب عليك عيبا، قال: صدقت.

وأخذ الماء فرحض كفيه ظاهر هما وباطنهما فقال له الغلام: أخطأت يا خراساني، قال:

فيم؟ قال: في تحريضك ظاهر كفيك بالحرض، قال عمر: وأي بأس في ذلك؟ قال:/ في ذلك خصلتان ذميمتان، قال عمر: ما هما؟ قال: أما الخصلة الأولى فيدل على أنك غمست يديك في المرقة، وذلك من وجهين ذميمين، أما سوء الأدب، وأما الشره والنّهم، وأما الخصلة الثانية، فيدل على أنك تريد بذلك إزالة وسخ عليهما، وكل ذلك وبعضه أقبح من بعض، فقال عمر: ابن كم أنت؟ قال: ابن أب واحد، قال: إنما عنيت سنك، قال: فقل ابن كم سنة أنت، قال: ابن ثمان حجج، فقال: أحيّة أمك؟ فقال الغلام: ما هي بحيّة ولا عقرب، ولكنها امرأة، قال عمر: فكيف أقول؟ قال قل: من الأحياء أمك؟ فقال عمر في نفسه، وتقاصرت إليه نفسه، إني لم أتعلم أدب الأكل والشرب، فلست براجع، ووطن نفسه على المقام عند ابن جريج، فما فارقه إلا بعد سنين، أخرجه الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي [٢] في كتاب صفوة التصوف بسنده إليه [٣] ./

وذكر أبو القاسم يحيى بن علي الحضرمي في تاريخ مصر، المذيل به على كتاب ابن يونس، دعا [٤] أحمد بن طولون [٥] برجل، فأدخل إليه، فقال لحاجب من حجابه: خذ هذا


[١] في ب، ط، ش، ل: إلى الغلام.
[٢] محمد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي الشيباني القيسراني: أبو الفضل، رحالة مؤرخ من حفاظ الحديث، مولده ببيت المقدس، له كتب كثيرة منها: (تاريخ أهل الشام ومعرفة الأئمة منهم والأعلام) ، و (معجم البلاد) ، و (صفوة التصوف) ، و (أطراف الكتب الستة) وغيرها، توفي ببغداد سنة ٥٠٧ هـ. (ميزان الاعتدال ٣/٧٥، لسان الميزان ٥/٢٠٧، وفيات الأعيان ١/٤٨٦) .
[٣] في الأصل بياض بمقدار أربعة أسطر، بدون نقص في الكلام.
[٤] في ط، ب، ل: دعي.
[٥] أحمد بن طولون: أبو العباس، صاحب الديار المصرية والشامية والثغور، تركي مستعرب، كا شجاها جوادا حسن السيرة، شديدا على الخصوم، تفقه وتأدب في سامراء، وحظي عند المتوكل فولاه الثغور وإمرة دمشق ثم مصر، توفي سنة ٢٧٠ هـ. (النجوم الزاهرة ٣/١، بدائع الدهور ١/٣٧، الولاة والقضاة ص ٢١٢- ٢٣٢، ابن الأثير ٧/١٣٦ ابن خلكان ١/٥٥) .

<<  <   >  >>