للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاضرب عنقه، وأتني برأسه، فأخذه ومضى به، فأقام طويلا، ثم أتى وليس معه شىء، فقال له أحمد بن طولون: ما قصتك؟ فقال: الأمان، قال: لك الأمان، قال: مضيت بالرجل لأضرب عنقه، فجزت ببيت خال، فقال لي: أئذن لي أدخل هذا البيت، فأصلي فيه ركعتين، فاستحييت من الله أن أمنعه من ذلك، فأذنت له فدخل، فأطال، فدخلت إلى البيت فلم أجد فيه أحدا، وليس في البيت طاق نافذ، فجئت لأخبرك بذلك، قال:

فهل سمعته يقول شيئا؟ قال: نعم، سمعته يقول وقد رفع يديه: يا لطيفا لما يشاء، يا فعّالا لما يريد، صلّ على محمد وآله، والطف بي في هذه الساعة، وخلصني من يديه. فدخلت البيت بعد هذا أطلبه فلم أجد فيه أحدا، فقال له أحمد بن طولون: صدقت،/ هذه دعوى مستجابة.

وفيه أيضا: قال لي عبد الرحمن بن إسماعيل النحوي العروضي: توفي أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصوفي صاحب التاريخ، يوم الأحد، ودفن يوم الاثنين لست وعشرين ليلة مضت من جمادى الآخرة، سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، وصلى عليه أبو القاسم بن حجاج فقلت أندبه: [البسيط]

بثثت علمك تشريقا وتغريبا ... وعدت بعد لذيذ الأنس مندوبا

أبا سعيد وما يألوك أن نشرت ... عنك الدواوين تصديقا وتصويبا

ما زلت تلهج بالتاريخ تكتبه ... حتى رأيناك في التاريخ مكتوبا

أرّخت موتك في ذكري وفي صحف ... لمن يؤرخني إذ كنت محسوبا

نشرت عن مصر من سكانها علما ... مبجلا بجمال القوم منصوبا

كشفت عن فخرهم للناس ما سجعت ... ورق الحمام على الأغصان تطريبا

أعربت عن عرب نقّبت عن نخب ... سارت مناقبهم في الناس تنقيبا

نشرت ميّتهم حيّا بنسبته ... حتى كأن لم يمت إذ كان منسوبا [١]

إنّ المكارم للإحسان موجبة ... وفيك قد ركّبت يا عبد تركيبا

حجبت عنّا وما الدنيا بمظهرة ... شخصا وإن جلّ إلا عاد محجوبا

كذلك الموت لا يبقي على أحد ... مدى الليالي من الأحباب محبوبا

أنشد أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم [٢] : [الطويل]


[١] في ب، ل: نشرت نسبتهم.
[٢] محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري: أبو عبد الله، فقيه عصره، انتهت إليه الرياسة في العلم بمصر، توفي سنة ٢٦٨ هـ. (وفيات الأعيان ٤/١٩٤) والأبيات لراشد الكاتب في الدر الفريد ٢/٢٧.

<<  <   >  >>