للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدوات الشرط والجزاء، له هيئة إلى التبصرة مفتقرة، وشكل خطوط في الهندسيات معتبرة، وأضلاع قامت من البسيطة على كرة، وزوايا قائمة، حدثت على منفرجة، ومعان دقيقة زادت على درجة، والفقيه يرى أنه محرم الابتياع، ويندب إلى المناداة عليه شرط الاتباع، مع أنه عين طاهرة يصح بها الانتفاع، كم صلى خلف إمام، واقتدى به وهو إمام، حينا يوجد في الشام، وحينا في بيت الله الحرام، وحينا تراه قائما في ظلام الليل والناس نيام، والعروضي يعلم أنه بيت برع حسنا، واستقام وزنا، نظم على البسيط وهو طويل، وركّب من سببين خفيف وثقيل، يتزحف بحذف فاصلة صغرى، ويتغير وزنه فترى منه كسرا، خمساه حرف من الحروف، وبعضه في بعضه يطوف، وإن/ حذف أوله فباقيه بلد معروف، ومع ذلك فكل حرف منه ساكن يصح عليه الوقوف، وفيه أعمال اقتصرت عنها، واختصرت منها، خيفة الملل، وتخفيفا في العمل، وقد قصدت بيان الجناب، ورصدت إتيان الجواب.

فكتب الصلاح الصفدي [١] : [البسيط]

وإنّ صخرا لتأتمّ الهداة به ... كأنّه علم في رأسه نار

لحقيق بأن يصفه مولانا وصف الخنساء، ويعد محاسنه التي أربت كثرتها على رملة الوعساء، ويستغرق أوصافه التي استوعب في سردها، ويركض في ميادين البلاغة على مطهمات نعوته وجردها، حتى أبدع في مقاصده التي وقف لها كل سائل، وقال فلم يترك مقالا لقائل، وفتح بابا ليس للناس عليه طاقة، وأصبح في التقدم لعصابة الأدب رأسا، والناس ساقة، لا جرم أن هذا الملغز فيه قال بعض واصفيه: [الخفيف]

علم مفرد فان رفعوه ... رفعوه قصدا لأجل البناء [٢]

أنثوه ومنه قد عرف التذ ... كير فانظر تناقض الأشياء

وأما المملوك فيقول فيه: إنه صاحب الرباط والزاوية، والمقام الذي يقال لقاعدته الجبل يا سارية، والقسمة التي هي على صحة الاختلاف متساوية، كم في الزوايا منه خبيّة حنيّة، وكم علق عليه درية من الكواكب الدرّيّة، كم رأى الناس في قيامه في قاعدة، وكم لشهادته من كلمة إلى العرش صاعدة، وكم تليت على الصخر منه آية من المائدة، يكاد من علاه يسامر النجوم في الدجنّة، ويرقى في كل حين، وليس به في الناس جنّة، هلاله لا يزيد ولا ينقص في الطرف، وراقيه يعبد الله فيه على حرف، قد حسن منه عكسه المصحّف، وعظم قدره في البناء فلا يدع إذا تشرّف، عجب العروضي من بسيطه الطويل الوافر،


[١] ديوان الخنساء ص ٨٠.
[٢] في ع: لأجل النداء.

<<  <   >  >>