للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ف لاتَ حِينَ مَناصٍ

[١] ، ثم قال: اسمع في المعنى أسدّ القولين، وانظر إلى بردتي كيف حوكت على نولين، وأنشد: [مجزوء المتقارب]

دع الكأس من نقشها ... فصاف بصاف أحب [٢]

إذا ذهبت بالطلا ... فقد طليت بالذهب

ثم قال: بساط الأدب واسع، فأنشدته قول التاسع: [مخلع البسيط]

دعه ونتف العذار إذ ما ... يسّر وصلي حتى تعذّر

بالنتف ثم النبات يبقى ... عذاره السّكّر المكرّر

فقال قوله: (دعه ونتف العذار) ، يحتمل التوبة عنه والإصرار، وفي قوله: (يسر وصلي حتى تعذر) ثقل، لا يعرف منعه من أهل العروض إلا الأقل، فان هذا القائل غير محيط بخطابه في مخلع البسيط، فان قيل أحسن في تورية تعذّر، ولطافة النبات، وحلاوة المكرر، قلت: على وجه التشنيع، كما قال البديع [٣] : [المنسرح] [٤]

حتى وحتى، حتى ... تنقطع الحا والتا

وأيضا فحسن اللفظ مطلوب، ولله قولي على هذا الأسلوب: [السريع]

معذّر عشت بتقبيله ... فمتّ من عشقي ومن عاش مات

فثغره والشعر في خدّه ... هذا سنينات وهذا نبات

ثم قال: ما كل شاعر فقيه، ولا كلّ فقيه شاعر، فأنشدته قول العاشر: [مجزوء الرمل]

حبذا وجدي بباد ... ورقيبي فيه حاضر

أنا في بحر هواه ... واقع والقلب طائر

فقال: شغله البادي والحاضر، والواقع والطائر، فوالى بين أربع دالات، حتى كأنه راهن على هذه الثقالات، وكأنه ما وقف على على ما فعله الوهراني بالكندي في مثله، ولا علم ما جرى على المتنبي من بيتي العظام [٥] ، والقلاقل [٦] من قبله، فلله اعتمادي في وصف


[١] من سورة ص آية ٣.
[٢] في ع: فكأس بكأس أحب.
[٣] البديع: هو بديع الزمان أحمد بن الحسين الهمذاني صاحب المقامات المتوفى سنة ٣٩٨ هـ. وجاء قول البديع في نسخة ش، والديوان نثرا، وهو شعر.
[٤] من العروض الثالثة المنهوكة المكشوفة.
[٥] يريد بيت المتنبي: (ديوان المتنبي بشرح العكبري ٤/١٠٩) .
وإني لمن قوم كأن نفوسنا بها ... أنف أن تسكن اللحم والدما
[٦] يريد بيت المتنبي: (الديوان ٣/١٧٥) .
فقلقلت بالهم الذي قلقل الحشا ... قلاقل عيس كلهن قلاقل

<<  <   >  >>