للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عشرة غير أبناء جنسه، ويبني النفس كهؤلاء على الكسر، وينصره الله على شيطانه، وَمَا النَّصْرُ

[١] ، قلت: فلم شرطوا عليه هيئة السفر إلى الدخول؟ قال: لأنها هيئة مذكرة بالوصول: [مجزوء الرجز]

فيا لها من هيئة ... تنسي الخلاف والطّرب

تفسيرها رياضة ... تعرب عن أصل الأدب [٢]

على أنها في هذا الوقوف، ينشد من قلب عزوف: [المتقارب]

وقوفي على بابهم رفعة ... ويا طول طردي إن لم أقف

ولو لم تكن لي فرعيّة ... إليهم بأصل لقالوا انصرف

قلت: فما معنى توجيه أباريقهم للقبلة؟ قال: هي صورة عبادة في الجملة، وفي المثل الغريب، أباريق الصوفية محاريب: [الكامل]

ساق يسوق إلى السباق محبة ... ويرى شفاء حريقه برحيقه

السّكر كلّ السّكر في كاساته ... والسرّ كلّ السّرّ في إبريقه

قلت: فلم وضع ساقيهم إبهام رجله اليمنى، على إبهام اليسرى؟ قال: فرقا بين خدمة الخالق والمخلوق وذكرى، ففي الصلاة يصفّ قدميه، وفي خدمة القوم يفعل ما أشرت إليه، وعلى الحقيقة فالصوفي لا إبهام لفضله، ولا سبّابة للوسطى من سيرة مثله.

قلت: فلم طوى الخادم للوارد إذا أتاه الطرف الأيسر الأدنى من مصلاه؟ قال:

ليدوس المطويّ بيمناه، وينقل إلى جانبها يسراه، ثم ينقل اليمنى نقلا، ويصفّ اليسرى معها في المصلى، فقد كرموا في هذه الهيئة اليمين، وتميز بها عنهم من يمين [٣] ، واتقوا بلل الوضوء بالبطانة، تورية إلى أنّ الوجه أحقّ بالصيانة، وسأدلك على قاعدة يحصل بها من أفعالهم كمال الفائدة، كلما فارقوا فيه بقية الناس، من/ العوائد والسمت واللباس [٤] ، فليمتازوا به عن سواهم، فتبارك الذي خلقهم فسوّاهم.

ثم إن الشيخ سالت عبرته، وتوالت حسرته، وغلبه الحال، فأنشد على الارتجال: [الرمل]

ذهب الصّدق وإخلاص العمل ... ما بقي إلا رياء وكسل

غرّك التقصير من ثوبي فان ... قصّر الثوب فقد طال الأمل


[١] أراد الآية: وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
آل عمران ١٢٦، الأنفال ١٠، ولم يتمها.
[٢] كلمة (أصل) ساقطة من نسخة ب، في ع: تعرب عن أهل الأدب.
[٣] من يمين: من المين، أي الكذب.
[٤] في ب، ل: والصمت واللباس.

<<  <   >  >>