للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال اللص: نعم ما ذهبت إليه واعتمدت عليه، إن قال لك قائل: بم استحق عليّ أن يكون أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قال القاضي: الجواب في ذلك أن عليا إنما استحق الفضل على من سواه من الصحابة والقرابة، لأنه أقربهم منه لحمة، وأدناهم حرمة، وأزكاهم مركبا، وأطيبهم منصبا. قال اللص: ذلك الذي أوجب له الفضل على من سواه من المهاجرين السابقين والأولين الصادقين؟ قال القاضي: نعم، قال اللص:

فالعباس إذن أفضل منه لأنه أقرب إلى الرسول صلّى الله عليه وسلم منه، لأن الله تعالى يقول في كتابه:

وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ

[١] ، وقد أجمع المسلمون/ أنه لو أن رجلا هلك وترك عمّا وابن عمّ، لكان المال للعم دون ابن العم، وهذا ما لا خلاف فيه.

قال القاضي: فان العباس لا هجرة له، وعليّ له الهجرة، قال اللص: فبطلت [٢] علة القرابة، وصار الفضل للهجرة، قال القاضي: نعم، قال اللص: فجعفر بن أبي طالب له هجرة وهو ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فلو نازعك منازع في أنه أفضل من علي، فما يكون جوابك؟ قال القاضي: فعليّ لم يشرك بالله طرفة عين، ولا علم منه خلف ولا مين [٣] ، وهو أقدم إيمانا منه ومن العباس، قال اللص: فبطل إذن الوجه الثاني، وصار الفضل لقدم الإيمان، قال القاضي: نعم، قال اللص: فأبو بكر رضي الله عنه أقدم إيمانا من الكل، قال القاضي: أبو بكر انتقل عن شرك، قال اللص: أليس من لم يشرك، أفضل عندكم ممن أشرك؟ قال القاضي: بلى، قال اللص: فأيما أفضل، عائشة أو خديجة أو غيرها من نساء النبي صلّى الله عليه وسلم، اللواتي لم يشركن بالله؟ قال القاضي: خديجة، قال اللص: فبطل إذن/ قدم الإيمان، قال القاضي: إلا أن عليا مع قدم إيمانه، وحسن إيقانه، وإيضاح برهانه، له اتصال نسب وقوة سبب، قال اللص: أو كل من كان أقرب، كان أفضل؟ قال القاضي:

أجل، قال اللص: ففاطمة أقرب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أم عليّ؟ قال القاضي: فاطمة، قال اللص: فبطلت علّيّة القرابة، قال القاضي: فانّ عليا مع تقدم إيمانه، له جهاد، قال اللص:

فكذلك أيضا إيمان أبي بكر، تقدم إيمان عليّ، وله جهاد وولاية، ولأنه أول من آمن بالله [٤] ، وجاهد وسبق إلى الصدق، ونصر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، حين لا معين له من أهل بيته وأقاربه، وأدنى عشيرته وأصحابه، فهو أول من سارع إلى إجابته، ودعا الناس إلى تبعيته، وبذل بين يديه الأموال، ولاقى بمهجته الأهوال، قال القاضي: كيف تقدم أبا بكر على عليّ وهو يعترف أن له شيطانا يعتريه، يقول: ألا إن لي شيطانا يعتريني، فاذا رأيتم ذلك فلا تقربوني،


[١] الأنفال ٧٠.
[٢] في ب: فتطلب علة القرابة.
[٣] في ب، ل: ميل.
[٤] في ش: آمن برسول الله.

<<  <   >  >>