للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالحاصل: أنه لا ينبغي للعقل أن يتقدم بين يدي الشرع فإنه من التقدم بين يدي الله ورسوله (١) .

السبب الرابع: اتباع الهوى.

يطلق الهوى على هوى النفس، وهوى النفس: إراداتها، والجمع: أهواء، والهوى: محبة الإنسان الشيء وغلبته على قلبه. قال تعالى: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} (٢) ، أي: نهاها عن شهواتها، وما تدعو إليه من معاصي الله عز وجل، والهوى على إطلاقه لا يكون إلا مذموماً (٣) .

ولذلك سمي أهل البدع، أهل الأهواء؛ لأنهم اتبعوا أهواءهم، فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها، والتعويل عليها، حتى يصدروا عنها، بل قدموا أهواءهم، واعتمدوا على آرائهم، ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظوراً فيها من وراء ذلك (٤) .

واتباع الهوى يتجلى في مظاهر عدة نتائجها عظيمة الخطر، من هذه المظاهر:

الانحراف عن الصراط المستقيم، يؤيد هذا قول الحق تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (٥) ، وقول تعالى: {وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ} (٦) ، وقال تعالى: {وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} (٧) .

فقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتبع الشريعة ولا يتبع الهوى، ولا يركن إلى أهواء الناس، فإنه إذا مال إلى أهوائهم انحرف عن الصراط المستقيم.

اتباع المتشابه وترك المحكم؛ لأنَّ في المتشابه طلبتهم من التأويل، وإرضاء ما


(١) - يراجع: الاعتصام (٢/٣١٨-٣٣٧) .
(٢) -سورة النازعات: الآية٤٠.
(٣) - يراجع: لسان العرب (١٥/٣٧٢/٣٧٣) ، مادة (هوا) .
(٤) - يراجع: الاعتصام (٢/١٧٦) .
(٥) - سورة الجاثية، الآية:١٨.
(٦) -سورة الشورى: الآية١٥.
(٧) - سورة الأنعام: الآية١٥٠.

<<  <   >  >>