للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في قلوبهم من شهوة ومرض وفتنة وفساد، قال تعالى: { ... فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} (١)

التقيد بالشهوات والعمل لها، والسير وراء مظاهر الحياة الزائفة وترك ما أمرهم الله سبحانه وتعالى به، قال تعالى: {.....إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} (٢) .

صاحب الهوى أعمى أصم أبكم، لا يرى خيراً ولا يسمع نصحاً، ولا ينطق خيراً، قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ....} (٣) .

أن صاحب الهوى منافق؛ لأنه يميل حيث يميل هواه فيظهر بمظهر الجد والحزم أمام الناس، ولكنه يفعل ما يمليه عليه هواه، وقد أحسن الله وصف أهل الأهواء بقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} (٤) .

لهذا، فإن صاحب الهوى معرض لكل هذه المظاهر الخطيرة مهلك لنفسه ولغيره، ومن أجل ذلك ورد التحذير من اتباع الهوى في الكتاب والسنة (٥) .

والأمثلة كثيرة على كون الإعراض عن الدليل والاعتماد على أصحاب الهوى سبب في حدوث البدع، والخروج عن منهج الصحابة والتابعين والسلف الصالح، فإنهم لما اتبعوا أهواءهم بغير علم ضلوا عن سواء السبيل.

ومن هذه الأمثلة- وهو أشدها -: قول من جعل اتباع الآباء في أصل الدين، هو المرجوع إليه دون غيره، حتى ردُّوا بذلك براهين الرسالة، وحجَّة القرآن، ودليل العقل، فقالوا: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} (٦) .


(١) -سورة آل عمران: الآية٧.
(٢) - سورة لنجم: الآية٢٣.
(٣) - سورة الجاثية: الآية٢٣.
(٤) - سورة محمد:١٦.
(٥) - يراجع: الاعتصام (٢/٣٣٧- ٣٤٦) ، والبدعة والمصالح المرسلة ص (١٤٩، ١٥٠) .
(٦) - سورة الزخرف: الآية٢٢.

<<  <   >  >>