للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبالجملة فقد انتزع الإسلام نصف العالم النّصرانيّ، وكسب ملايين الأتباع من النصارى، وكانت فتوحاته حضاريّة دفعت غير المسلمين لاعتناقه عن رغبة واقتناع (١).

يقول المستشرق الألماني "كارل بيكر": «إنّ هناك عداءً من النصرانية للإسلام بسبب أنّ الإسلام عندما انتشر في العصور الوسطى أقام سدًّا منيعاً في وجه انتشار النّصرانيّة، ثمّ امتدّ

إلى البلاد التي كانت خاضعةً لصولجانها» (٢).

كل هذه الأسباب أدت إلى إضرام نيران الحقد في قلوب النصارى، وزرع بذور العداء الشديد ضد الإسلام والمسلمين.

وأخذ هذا العداء شكلين من أشكال الحروب.

أولهما الحروب العسكريّة، وكان من صورها الحروب الصليبيّة التي امتدت قرابة قرنين من الزمان، مارس فيهما النصارى مدفوعين بالعاطفة الدينيّة أسوأ أشكال القتل وانتهاك الحرمات.

ومن صورها محاكم التفتيش التي أقيمت في فترة العصور الأوروبية الوسطى المظلمة، والتي ذاق فيها كلُّ من خالف النصرانيّة الكاثوليكية سوءَ العذاب.

وربما يُلحق بها حروب الاحتلال التي أعقبت سقوط دولة الخلافة العثمانية، وإنْ كان هدفها الأبرز هو الجانب الاقتصادي فيما يظهر.

وثانيهما الحروب الفكريّة، حيث زحفت جحافل المستشرقين والمنصرين على الديار الإسلامية.

فأخذت الأولى جزءاً من مهمة تنصير الخاصّة (٣)، وذلك من خلال دراسة مصادر علوم


(١) انظر: رؤية إسلامية للاستشراق، أحمد غراب، ص٢٣ - ٢٤.
(٢) انظر: التبشير والاستعمار، فروخ وخالدي، ص٣٦، ولم أقف على ترجمةٍ لصاحب القول.
(٣) كان الدّافع التّنصيري واحداً من دوافع الاستشراق. وإلى جانبه دوافع أخرى؛ علميةٌ وسياسيّة واقتصاديّة وغير ذلك. وكان الغالب في العمل الاستشراقي التشكيك وبث الشّبهات حول الإسلام وما يتعلق به.
انظر: الاستشراق بين الحقيقة والتضليل، إسماعيل علي، ص٧٦ - ٧٧.

<<  <   >  >>