للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تشترط الكتابة مع الحفظ؛ لم يجد هذه الآية مكتوبةً إلا عند خزيمة بن ثابت الأنصاري - رضي الله عنه - (١).

ولقد كان خزيمة - رضي الله عنه - من أجلاء الصحابة وفضلائهم، وكان المتفرد باعتبار النبي - صلى الله عليه وسلم - شهادته تعدل شهادة رجلين. وذلك في قصة الأعرابي الذي باع فرساً من النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أنكر وطلب شاهداً، فجاء خزيمة - رضي الله عنه - يشهد ولم يكن حضر البيع، فلما سأله النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

«أشهد بصدقك يا رسول الله» (٢).

وهذا الفرس المبتاع جاء أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ردّه على الأعرابي فأصبح ميتاً، وجاء أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ألزم الأعرابي البيع فأخذه وسمّاه المرتجز (٣).

وهنا يظهر كذب هذا المشبه وتجنيه حين زعم أنّ القصة في الصحيحين، وأنها في شاة يهودي ظلمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ليُفهم القارئَ أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يحتقر أهل الكتاب ويظلمهم.

ويَظهر كذلك تدليسه حين ربط بين القصتين ليضعف من صحة إلحاق الآية بموضعها من القرآن الكريم، متجاهلاً أو جاهلاً أنَّ الصحابة كانوا يحفظونها، وزيدٌ نفسه يقول: «فقدت آية كنت أسمعها من النبي - صلى الله عليه وسلم -».

ولا يخفى -كذلك- وقيعة هذا المشبه في النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه. وليس هذا بغريب على من يؤمن بكتاب ينسب قبيح الأفعال والأقوال إلى الله تعالى، ورسله الكرام. الأمر الثالث: القول بأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تنزل عليه الآيات بالليل فينساها بالنهار، والعكس، وأنّه لذلك نزل قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (٤) بدليل المأثور عن ابن عبّاس؛ تطبيقٌ لآية آل


(١) وهذا هو المظهر الثاني لجهل صاحب الشبهة، حين ذكر أنها لم توجد إلا عند أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: مختصر تاريخ دمشق، ابن منظور ٨/ ٤٧.
(٣) انظر: الروض الأنف، السهيلي ٥/ ٢٤٦.
(٤) سورة البقرة، الآية ١٠٦.

<<  <   >  >>