للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمد، ثم أنكحه ابنة عمه زينب بنت جحش، ملغياً بذلك التفرقة الطبقية التي كانت من سمات المجتمع الجاهلي.

وشاء الله أن لا يحدث وفاق بين الزوجين، فجاء زيد يستشير النبي - صلى الله عليه وسلم - في فراق زينب، فنصحه بإمساكها مخفياً ما أعلمه الله من أنه لن يَصلح حال العشرة بينهما، وأنّ زينب ستكون إحدى أمهات المؤمنين، متحرجاً مما سيلحقه من حديث المجتمع من نكاح زوجة ابنه بالتبني (١).

وفي هذا نزل قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (٣٧) مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} (٢).

وقد شَغَب المشبهون برواياتٍ تحكي رؤيةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب في بيت زيد، وافتتانه وتعلق قلبه بها، وقوله (تبارك الله أحسن الخالقين)، ومن ثم كان تطليق زيد لها لعلمه بذلك؛ لا لسوء عشرة بينهما، وأنَّ هذا التعلق هو الذي أخفاه النبي في نفسه، وخشي أن يطلع عليه النّاس.

وقد تسللت هذه الروايات إلى بعض كتب التفسير والسير، وتصدى لها مَن كشف تهافتها متناً وسنداً (٣).


(١) ذكر ابن كثير - رحمه الله - القول الصحيح في تفسير المراد بالآية، وذكر أنّه نُقل عن السّلف أقوالٌ لم يوردها لأنّها لم تصحّ عنهم. انظر: تفسير ابن كثير ٦/ ٤٢٤ - ٤٢٦. وقد شغب الحاقدون على النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الآثار ورووها جازمين بصحّة نقلها عن السّلف.
(٢) سورة الأحزاب، الآيتين ٣٧، ٣٨.
(٣) وكان منهم الدكتور عواض الألمعي، انظر كتابه: مع المفسرين والمستشرقين في زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بزينب بنت جحش، ص١١ - ٣٣.

<<  <   >  >>