للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكيف يصح نسبة ذلك إلى مقام النبوة؟ أم كيف يفتن النبي بابنة عمه؛ وهو الذي كان يراها قبل فرض الحجاب، وهو الذي خطبها لزيد، ولو كان له بها أرب لاصطفاها لنفسه (١).

ثم إنّ زواجه - صلى الله عليه وسلم - بزينب ? كان بأمر الله تعالى، ولذا كانت زينب ? تفاخر باقي أمهات المؤمنين فتقول: (زوجكن أهلوكن، وزوجني الله من فوق سبع سماوات) (٢).

ولقد كان في هذا الزواج كسراً لعادة التبني المتغلغلة في نفوس النَّاس ومشاعرهم، ولم

يكن من السهل التغلب عليها دون كسرٍ لطوقها وخرقٍ لمألوفها على يد المثل الكامل والقدوة الحسنة للنّاس، ليكون ذلك مدعاة لتقبل الناس (٣).

ولو كان في هذه الحادثة مطعن لكتم النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الآيات، ولما بلغها فصارت قرآناً يُتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولذا يُروى عن عائشة ? أنّها قالت: (لو كتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية) (٤).

فما الذي جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يُخبر النّاس أنّ الله أوحى إليه بهذه الآية؟! وما الذي جعله يُخبر النّاس بعتاب الله تعالى حين عبس في وجه الرّجل الأعمى، وحين ترك الاستثناء، وحين أذن لبعض المنافقين في التخلف عن غزوة تبوك، وحين ترك الأَولى في شأن أُسارى غزوة بدر (٥)؟!

إنْ لم يكن دافعُ ذلك أمانة النبي - صلى الله عليه وسلم - في تبليغ ما أُوحي إليه؛ فماذا يكون؟!

وسوف يكون الأمر أسهلَ من ذلك عند من يرى أنّ القرآن اختلاق من عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعندها لن يؤلف ما قد يطعن في خُلقه ويؤدي لاحتقار النّاس له وانصرافهم عنه.


(١) انظر: حلية الأولياء، الأصفهاني ٢/ ٥٢.
(٢) رواه الترمذي وصححه الألباني. انظر له: صحيح سنن الترمذي ٣/ ٣٠٨.
(٣) انظر: مع المفسرين والمستشرقين، الألمعي، ص٦٥.
(٤) روى هذا الأثر الطبراني في المعجم الكبير، وإسحاق بن راهويه في المسند، والخرائطي في اعتلال القلوب؛ كما في فهرسة المكتبة الشّاملة.
(٥) انظر: عتاب النبي دليل نبوته، بدر عبد الحميد، الرّابط: www.saaid.net/Doat/hamesabadr/٢١٧.htm

<<  <   >  >>