للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمر السّابع: دعوى أنَّ في مصِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لسان الحسن - رضي الله عنه - مطعن فيه عليه الصلاة والسّلام؛ مثال آخر على منهجيّة تقبيح الحسن، وتحسين القبيح، التي يطبق النصارى شقها الأول على ما يتعلق بالإسلام، وشقها الثّاني على ما ورد في كتابهم المقدّس.

لقد جبل الله تعالى نبيه على مكارم الأخلاق ومحاسنها، ومن ذلك خلق الرّحمة والرأفة والشّفقة على الغير، وكذا المحبّة التي ظهرت آثارها على القريب والبعيد من المؤمنين.

وقد كان من ذلك حبّه للحسن والحسين (١) ?.

وقد صحّ أنّه أذَّن في أُذُن الحسن يوم ولد، وقبّله، ومصّ لسانه، وكان إذا ارتحله وهو ساجد أطال السجود لئلا يعجله، وكان يطلب إحضار الحسن؛ فإذا حضر التزمه وعانقه وحمله على عاتقه وقال: (اللهم إني أُحبُّه فأَحبَّه وأَحبَّ مَن يُحبُّه) (٢).

ثم جاء من شغب ببعض هذه التصرفات وعدَّها مطعناً، متجاهلاً أنّ الحسنَ حفيدُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنّه كان طفلاً أو رضيعاً حين قبّله النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ كانت ولادته في شعبان أو رمضان من السّنة الثّالثة للهجرة، أي أنّه كان دونَ الثامنة من عمره حين توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣).

والعجب ممن يُقبِّح هذا الفعل، ويحسِّن انكباب الشّابّة على قدمي الشّاب تقبلهما، وتمسحهما بشعر رأسها، وتدهنهما بالطيب (٤).

وأعجبُ منه أن تكون من معجزات أحد الأنبياء -في كتابهم- إحياء الطفل الميت بالاضطجاع فوقه في الغرفة المغلقة، مع وضع الفم على الفم، والعينين على العينين، واليدين على اليدين، وتكرار ذلك سبع مرّات، إلى أنْ سَخُن جسدُ الولد، وعادت إليه الحياة (٥).


(١) هو الحسين بن علي بن أبي طالب. سبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وريحانته ومحبوبه. ولد سنة أربع من الهجرة، وقتل يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بأرض كربلاء من العراق زمن خلافة يزيد بن معاوية. انظر: سير أعلام النبلاء، الذّهبي ٢/ ٢٨٠ - ٣٢١.
(٢) هذه الأمور مما ورد في الصّحيحين أو أحدهما، عن معاملته - صلى الله عليه وسلم - للحسنين (.
(٣) انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي ٣/ ٢٤٦.
(٤) لوقا ٧: ٣٨. مع تنزيهنا أنبياء الله تعالى عن كل ما ينقص قدرهم مما ورد في كتاب النصارى المقدس.
(٥) الملوك الثاني ٤: ٣٢ - ٣٥.

<<  <   >  >>