للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن حجر - رحمه الله - (١): «وليس في سجودها كل ليلة تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها .. وظاهر الحديث أنّ المراد بالاستقرار وقوعه في كل يوم وليلة عند سجودها،

ومقابل الاستقرار المسير الدائم المعبر عنه بالجري» (٢).

وقال في موضع آخر: «ويحتمل أن يكون المراد بالسجود سجود من هو موكل بها من الملائكة، أو تسجد بصورة الحال فتكون عبارة عن الزّيادة في الانقياد والخضوع في ذلك الحين» (٣).

والحاصل أنّ هذا الأمر غيبي، نجزم بصحة وقوعه، على كيفيّة يعلمها الله تعالى وحده (٤)، فإنّه لا علم لنا بكيفيّات الغيب ما لم يأتنا بها الإنباء في كتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

ولم يأت في بيان هذا الأمر مزيد تفصيل، فيكونُ السبيلُ التسليمَ به كما سلَّم به الصّحابة ولم يسألوا ولم يستشكلوا.

وقد ردَّ شيخ الإسلام - رحمه الله - في "بيان تلبيس الجهميّة" على من أنكر هذا الحديث لعدم استيعاب عقله له، وأنكر مثله حديث نزول الله إلى السَّماء الدنيا في الثلث الأخير، وقعّد في هذا قاعدة مفيدة، فيها بيان سبب وقوع هؤلاء فيما وقعوا فيه، فقال - رحمه الله -: «وهذا إنّما قالوه لتخيلهم من نزوله ما يتخيلونه من نزول أحدهم» (٥).

وقال في موضع آخر: «والمقصود أنّ ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب وغيره؛ كلُّه


(١) هو أبو الفضل، شهاب الدين، أحمد بن علي بن محمد العسقلاني. ولد بالقاهرة سنة ٧٧٣هـ وتوفي بها سنة ٨٥٢هـ. أكثر الرحلات في طلب العلم، وحصّل شهرة واسعة. كان من أئمة العلم، ومن المكثرين من التأليف. أهم كتبه: فتح الباري بشرح صحيح البخاري- التلخيص الحبير- بلوغ المرام- الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، الإصابة، تهذيب التهذيب، تقريب التهذيب. انظر: الأعلام، الزركلي ١/ ١٧٨ - ١٧٩.
(٢) انظر: فتح الباري، ابن حجر ٨/ ٥٤٢.
(٣) المرجع السّابق ٦/ ٢٩٩.
(٤) انظر: كلام الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - حول هذا، على الرابط: www.binbaz.org.sa/mat/٩١٤١
(٥) انظر: بيان تلبيس الجهمية، ابن تيمية ٤/ ٥٥.

<<  <   >  >>