مذاهب العلماء رحمهم الله تعالى [في] نكاح المحرم قال المصنف في مجموعه: قد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يصح تزوج المحرم ولا تزويجه، وبه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وهو مذهب عمر بن الخطاب وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب وسليمان بن بشار والزهري ومالك وأحمد وإسحق وداود وغيره رضوان الله عليهم. وقال الحكم والثوري وأبو حنيفة: يجوز أن يتزوج ويزوج، واحتجوا بحديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (تزوج ميمونة وهو محرم) رواه البخاري ومسلم. واحتج أصحابنا بحديث عثمان رضي الله عنه أن رسول الله قال: "لا يَنكح المحرم ولا يُنكِح" رواه مسلم. (فإن قيل): المراد بالنكاح الوطء. فالجواب: أن اللفظ إذا اجتمع فيه عُرْف اللغة وعُرْفُ الشرع قُدم عرف الشرع لأنه طارئ، وعُرف الشرع أن النكاح: "العقد" لقوله تعالى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} [النساء: ٢٥]، {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ} [البقرة: ٢٣٢]، {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣]. وفي الحديث الصحيح: (ولا تُنكح المرأة على عمتها). وفي الصحيح: (انكحي أسامة). والمراد بالنكاح في هذه المواضع وشبهها العقد دون الوطء. وأما قوله تعالى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] وقوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً} [النور: ٣] فإنما حملناه على الوطء بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حتى تذوقي عسيلته". الجواب الثاني: إن في الحديث: (لا يَنكح ولا يُنكح ولا يخطب) والخطبة تراد للعقد وكذلك النكاح. قالوا: يحمل (ولا يخطب) على أنه لا يخطب الوطء بالطلب والاستدعاء. (والجواب): أن الخطبة المقرونة بالعقد لا يفهم منها إلا الخطبة المشهورة وهي طلب التزويج. =