للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثامن: يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ بَعْدَ رُجُوعِهِ خَيْراً مِمَّا كَانَ فَهَذا مِنْ عَلاَمَاتِ قبولِ الْحَج وأنْ يَكُونَ خَيْرُهُ آخِذاً (١) في ازْديادِ.

فَصْلٌ

ذكر أقضى القضاةِ الماورديُّ في الأحكامِ السلطانيةِ باباً في الولايةِ على الحجيجِ أنَا أذكرُ إِن شاءَ الله تعالى مقاصِدَهُ قَالَ: وِلايةُ الحج على ضربين: أحدهما: يكون على تسيير الحج، والثاني: على إقامة الحج.

أمَّا الضربُ الأولُ فَهُوَ وِلاية سِيَاسَةٍ وَتَدْبِيرٍ، وشرطُ المتولي أن يكونَ مُطَاعاً ذَا رَأْيِ وَشَجَاعَةٍ وِهدَايةٍ وَالذي عَلَيْهِ في هذ الولايةِ عشرةُ أشياءَ:

أحدها: جمعُ الناسِ في مسيرهِمِ ونزولِهِم حَتى لا يتفرّقُوا فيخافُ عَلَيْهِم.

الثاني: ترتيبُهُمْ في السَّيْرِ والنُّزُولِ وإعطاءِ كُل طَائفةِ مِنْهُمْ مَقاداً (٢) حتى يَعْرِفَ كُلّ فِرْقَةٍ مَقادَهُ إذَا سَارَ وَإِذَا نَزَلَ وَلاَ يَتَنَازَعُوا وَلاَ يَضِلوا عَنْهُ.

الثالث: يرفقُ بهم في السَّيرِ ويسيرُ سيرَ أضْعفِهِمْ (٣).


(١) في بعض النسخ بدل (آخذاً) (مستمراً) في ازدياد.
(٢) المقاد في عرف الناس يسمى بالتقطير، وهو جَعْل الإِبل مربوطة بعضها خلف بعض تسير جملة مترتبة كل فرقة من الحجاج لإبلها موضع في المقاد، وظاهر أن هذا فيمن تقطر ركابهم كأهل تهامة، وأما أهل نجد والعراق فإنهم لا يربطون إبلهم بل تسير جملة بعضها في بعض. أقول: كل من الذي يقطر والذي لا يقطر كان في زمان قد مضى وانقضى والآن عصر السرعة طائرات وسيارات زمان عطلت فيه العشار، وحشرت في حدائقه الوحوش وجمعت فيها أصناف الحيوانات. زمان قرب بعيده وسار ونطق حديده، نسأله تعالى حسن الخاتمة آمين.
(٣) أي ما لم يعارضه ما هو أهم منه كخوف عطش ونحوه.

<<  <   >  >>