للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[منافع الحج دينية ودنيوية]

ففي انتقال الحاج من بلده وسفره إلى مكة، توسيع لدائرة فكره ومعرفته وتدريبه على احتمال متاعب الحياة واكتساب فضيلة الصبر، وفي إحرامه من الميقات ضبط لعزيمته (١) وسبب لعلو همته، وفي تجرده من الثياب صحة لجسمه. فقد قال الأطباء: إن الإِنسان يلزمه أن يعرض جسمه وبدنه للهواء الطلق، ومؤثرات الجو مدة من الزمن ليستريح فيها الجسم ويسترجع قواه ويستعيد نشاطه بملاصقة أكسجين الهواء لجميع مسام الجسم (٢). وفي كفه عن محظورات الإِحرام حمله على مكارم الأخلاق وبعده عن الترف واللهو والشهوات وتوجيهه إلى الأعمال الصالحة رجاء العفو والمغفرة، وفي تلبيته إعلانه لذكر الله تعالى، وإظهار العبودية له، وتنبيه نفسه وإيقاظها لمقاصد الحج، وشحنها بالإِيمان، وطرحها على عتبة الرحمن، وبالتلبية يسري التيار الإيماني في جسم الحاج كما يجري التيار الكهربائي في الأسلاك، فإذا قال


(١) أي على الحج بفعل ظاهر وهو النية والتجرد عن لبس المخيط الذي ينبه في الحاج الشعور والانتباه ويكون حارساً عن الغفلة والذهول، فيصير هذا الإحرام للحاج كتكبيرة الإِحرام للصلاة.
(٢) فتبين بهذا فساد قول المتحاملين على الإسلام، بأن الإِحرام سبب كبير للأمراض التي تحصل للحاج في مواطن النسك من البرودة شتاء، ومن الاحتقانات صيفاً.

<<  <   >  >>