للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطَوَاف الإِفاضَةِ ركْن لا يَصحُّ الحج إلاَّ به (١) ولاَ يُجْبَرُ بدَمٍ ولا غيرِهِ وطَوافُ الوداعِ واجب على الأَصَح (٢) وليسَ بركْنٍ وعلى قَوْلٍ هو سُنَّة كالْقُدُومِ وسيأتي إيضَاحُ هذا كُله في موضعه إن شاء الله تعالى.

واعلم أن طوافَ الْقُدُوم إنَّمَا يُتَصَوَّر (٣) في حَق مُفْرْدِ الْحج وفي حق القارنِ إذا كانَا قَدْ أحْرمَا من غير مكَّةَ ودَخَلاَها قبلَ الوقُوفِ فَأَمَّا المكيُّ فلا يُتَصَوَّرُ في حَقه طوافُ قُدُومِ إذ لا قُدُوم لَهُ.

وأما مَنْ أحْرَمَ بالعُمْرَةِ فَلاَ يُتَصَوَّرُ في حقه طَوَافُ قُدُومٍ بل إذا طَافَ عن الْعُمْرَةِ أَجزَأَهُ عنها وعَنْ طَوَافِ الْقُدُوم كما تُجْزىءُ الفَريضةُ عن تَحية المسْجِدِ حتى لو طافَ المُعْتَمرُ بنيَّة القُدُومِ وقَعَ عَنْ طَوَافِ العُمْرَة كما لو كانَ عليه حَجَّةُ الإِسْلاَمِ وأحرمَ بتَطَوُّعٍ يقعُ عن حَجَّةِ الإِسْلاَمِ.

وأما مَنْ لم يَدْخُلْ مكَّة قبْلَ الْوُقُوفِ فليسَ في حَقِّه طَوَاف القُدُوم بل الطَّوَافُ الذي يَفْعَلُهُ بعد الوقُوفِ هُوَ طوافُ الإِفاضةِ فلو نَوَى به القُدُومَ وَقَعَ


(١) قال ابن قدامة: طواف الزيارة وهو ركن لا يتم الحج إلا به بغير خلاف. اهـ.
(٢) قال المصنف في شرح مسلم رحمهما الله تعالى كما في أضواء البيان: الصحيح في مذهبنا وجوب طواف الوداع وأنه إن تركه لزمه دم ثم قال: وبه قال أكثر العلماء منهم الحسن البصري والحكم، وحماد والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحق وأبو ثور رحمهم الله تعالى. وقال مالك وداود وابن المنذر رحمهم الله: هو سنة لا شيء في تركه، وعن مجاهد روايتان كالمذهبين. اهـ منه. وقد نقل ابن حجر كلامه هذا ثم تعقب عزوه سنيته لابن المنذر فقال: والذي رأيته في الأوسط لابن المنذر أنه واجب للأمر به إلا أنه لا يجب بتركه شيء. اهـ.
(٣) الحصر هنا بالنسبة للمحرم لأن طواف القدوم يتصور من حلال دخل مكة.

<<  <   >  >>