للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَاءَ اللهُ تعالى إلا أَنهُ يُسَنُّ الاضْطِبَاعُ في جميعِ الطَّوْفَاتِ السَّبْعِ والرمل يختص بالثلاث الأول، والصبي كالبالغ في استحباب الاضطباع على المذْهَب المشهُورِ ولاَ تَضْطَبعُ المرأةُ (١) لأن مَوْضعَ الاضْطِبَاعِ مِنها عَوْرَة.

الثالثةُ: الرَّمَلُ بفتح الراءِ والميمِ وهُوَ الإِسْرَاعُ في المشْي مع تَقَارُبِ الْخُطَا دُونَ الوُثُوبٍ والْعَدْوِ ويقالُ له الْخَبَب (٢) قال أصحَابنا: ومَنْ قَالَ إِنَّهُ دونَ الخببِ فقد غَلِطَ، والرَّمَلُ مُسْتَحَبٌّ (٣) في الطَّوفاتِ الثَّلاَثِ الأوَلِ ويُسَنُّ المشيُ على الْهِينَةِ في الأَرْبَعِ الأخيرةِ والصَّحِيحُ مِنَ القَوْلَيْنِ أنهُ يَسْتَوْعِبُ البيتَ بالرَّمَلِ وفي قَوْلٍ ضَعِيفٍ لا يَرْمُلُ بينَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمانِيّين (٤) وإِنْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الثلاثِ الأوَلِ لم يقْضِهِ في الأَرْبَعِ الأخيرَةِ لأنّ السنَّةَ في الأخِيرةِ المشيُ على


(١) أي ولو صغيرة ومثلها هنا الخنثى وفي الرمل فلا يُسَن لهما.
(٢) صَح عن ابن عمر رضي الله عنهما كان - صلى الله عليه وسلم - إذا طاف الطواف الأول خب ثلاثاً ومشى أربعاً. وفسر أكثرهم (الخبب) بأنه الإِسراع في المشي مع هز المنكبين بدون وثب.
(٣) لا ينافيه خبر مسلم: (ارملوا ثلاثاً وليس بسنة) لأن معناه ليس بسنة عامة في كل طواف لكل أحد كسائر السنن، وإنما شرع بسبب خاص وهو إظهار الجلد للكفار حينما قالوا سنة سبْع من الهجرة وقت اعتماره هو وأصحابه عمرة القضاء: هؤلاء قد وهنتهم حمى يثرب فلم تبق لهم طاقة بقتالنا. فأطْلع الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - على ما قالوا فأمر أصحابه بالرمل ليرى المشركين جلدهم وقوتهم ففعلوا، فلما رأوهم قالوا: هؤلاء الذين زعمتم أنهم أنهكتهم حمى يثرب؟ إنهم لأجْلد من كذا وكذا.
ثم بقي الرمل مع زوال سببه لأن فاعله يستحضر به سبب ذلك وهو ظهور أمرهم، فيتذكر نعمة الله بإعزاز الإِسلام وأهله، ويقال: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد منع الرمل لزوال سببه فتذكر هذا، أي أن فاعله يستحضر به سبب ذلك.
(٤) ودليله رواية مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - تركه بينهما. وأجيب: كما في الحاشية بأنه كان في عمرة القضاء سنة سبع، ورواية أنه - صلى الله عليه وسلم - رمل من الحجر إلى الحجر كانت في حجة الوداع فهي ناسخة لتلك والله أعلم.

<<  <   >  >>