للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي اسْتَلَمَهُ بِهَا (١) ويكونُ تَقْبيلُها بعد الاستلامِ بِهَا هذا هو الصَّحيحُ الذي قالهُ جُمْهُورُ أصْحَابِنَا وقال إمامُ الحَرَمَيْن: إِنْ شَاءَ قبَّلها ثُمَّ اسْتَلَمَ بِهَا وَإِن شاءَ اسْتَلَمَ ثُم قَبلَهَا والمُخْتارُ مذْهَبُ الجمهورِ.

وذكرَ القاضي أبُو الطيبِ أَنهُ يُسْتَحَبُّ الجمعُ بينَ الحَجر الأَسوَد والرُّكْنِ الذي هُوَ فيه في الاسْتِلاَمِ والتقبيل (٢) واتَّفَقُوا على أنَّهُ لا يقبِّلُ ولا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَين الآخرَيْن وَهُما الشَّاميَّانِ لأَنهما ليسا على قَوَاعِد إبراهيمَ - صلى الله عليه وسلم - (٣) بخلافِ الأسودِ واليَمَانِي (٤) ويُسْتَحَب استلامُ الْحَجرِ الأسْوَدِ وتَقْبيلُه واستلاَمُ اليمَانِي


(١) لعله قياساً على الحجر الأسود.
(٢) قال في الحاشية: (غريب ضعيف).
(٣) أي لأن الركنين الشاميين ليسا موضوعين على قاعدتي الركنين الشاميين اللتين وضعهما إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام بل موضوعين على أساس البيت الذي أسسه، لأن تركينهما وقع على أُسَّيْ الجدارين الناقصين في عرضه فلذلك لا يستلمان لأن الاستلام للأركان المخصوصة لا لنفس البيت ولا لما وضع من الأركان على أساسه ولذا قال ابن عباس رضي الله عنهما لمعاوية رضي الله عنه حين طاف وجعل يستلم الأركان كلها: لِمَ تستلم هذين الركنين ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يستلمهما؟ فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجوراً فقال ابن عباس: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) فقال معاوية: صدقت.
وسبب عدم وضعهما على قاعدتيهما السابقيتن أن قريشاً لما بنت البيت على هيئته التي هو عليها الآن نقصوا بعضه من الجهة الشامية لما ارتفع البناء وحاذى وجه الأرض لأنهم لم يجدوا من الأموال الطيبة الحلال ما يفي بالنفقة وجعلوا على ذلك البعض وما زاد عليه جداراً قصيراً علامة على أنه من البيت وهو المسمى بالحجر وأخرُوا الركنين الشاميين عن قاعدتيهما السابقتين وجعلوهما فوق طَرَفَيْ الجدارين الناقصين في عرض البيت.
(٤) أي فيقبل الحجر الأسود ويسجد عليه ويستلم والركن اليماني يستلم فقط كما تقدم في أول هذا الفصل لأنهما موضوعان على قَاعِدتي الركنين اليمانيين اللتين وضعهما إبراهيم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام.

<<  <   >  >>