للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعلَمْ أنَّ عَرَفَاتٍ لَيْسَتْ مِنَ الحرَمِ ومُنْتَهَى الْحَرَمِ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ عِنْدَ الْعَلَمَيْنِ (١) المْنصُوبينِ عِنْدَ مُنْتَهَى الْمأْزَمَيْنِ (٢) وَهُمَا ظاهران وَسَيَأتي في بابِ المقَامِ بمكةَ وفَضْلِهَا وبيانِ حُدُودِ الحرمِ إِنْ شاء الله تَعَالَى.

(فَرْع): وَاجِبُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ شَيْئَانِ:

أحَدُهُمَا: كَوْنُهُ في وَقْتِهِ الْمَحْدُودِ وَهُوَ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ يَوْمِ عَرَفَةَ إلى طُلُوعِ الْفَجْرِ لَيْلَةَ العِيدِ (٣) فمن حَصَلَ بِعَرَفَةَ (٤) فِي لَحْظَة لَطِيفَةٍ مِنْ هذَا الوَقْتِ صَحَّ وُقُوفُهُ وَأدرَكَ الحَج ومن فاته ذلك فقد فاته الحج.


(١) أقول قد جدد غالب الأعلام وكتب عليها حدود كل من عرفة ومزدلفة ومنى في زماننا عهد حكومتنا السعودية السنية متع الله بها وأرشدها إلى مرضاته آمين.
(٢) أي الجبلين اللذين بين مزدلفة وعرفة ويقال لهما الأخشبان والآن قد أزيلا توسعة.
(٣) هو مذهب الإمامين مالك وأبي حنيفة والجمهور وبه قال شيخ الإِسلام ابن تيمية. وقال الإمام أحمد: وقت الوقوف ما بين طلوع الفجر يوم عرفة وطلوعه يوم النحر. دليل الجمهور أنه - صلى الله عليه وسلم - وقف بعد الزوال وكذلك الخلفاء الراشدون فمن بعدهم إلى اليوم. وحملوا حديث عروة بن مضرس الطائي الذي احتج به الإِمام أحمد على ما بعد الزوال قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت: يا رسول الله إني جئت من جبليْ طيىء قد أكللت راحلتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي منْ حج؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقل قبل ذلك، ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه"، أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح وأبو داود والنسائي، وزاد النسائي: (ومَنْ لم يدرك مع الإِمام والناس فلم يدرك).
(٤) أي وهو محرم.
(تنبيه): قال في المجموع: إذا وقف في النهار ودفع قبل غروب الشمس ولم يعد في نهاره إلى عرفات، هل يلزمه الدم؟ فيه قولان الأصح أنه لا يلزمه، وقال أبو حنفية وأحمد: يلزمه. فإن قلنا يلزمه، فعاد في الليل سقط عندنا وعند مالك، وقال أبو حنيفة =

<<  <   >  >>