للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِهِ، قَالَهُ أبو عَبْدِ الرَّحْمن ابنُ بنتِ الشَّافِعِي وأبُو بكر محمَّدُ بن إسحقَ بن خُزَيْمَةَ (١) فَيَنْبَغِي أنْ يَحْرِصَ عَلَى الْمَبِيتِ للْخُروجِ مِنَ الْخِلاَفِ.

(فرعٌ): وَيُسْتَحَبُّ أنْ يَغْتَسِلَ فِي مُزْدَلِفَة بالليْلِ (٢) للْوُقُوفِ بالْمَشْعَرِ الحَرَامِ ولِلْعِيدِ وَلِما فيها مِنَ الاجْتِمَاع، وَقَدْ سَبَقَ أنَّ مَنْ لم يجِدْ ماء تَيَممَ وَهذِهِ اللَّيْلَةُ وَهِيَ ليلةُ العِيدِ عظيمة لَيْلَةٌ جَامِعَة لأَنْوَاع مِنَ الفَضْل مِنْهَا شَرَفُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فإِنَّ الْمُزْدَلِفَةَ مِنَ الْحَرَم كَمَا سَبقَ وَانْضَمَّ إلى هذَا جَلاَلَةُ أهْلِ الْجَمْعِ الحَاضرينَ بِهَا وَهُمْ وَفْدُ الله وخيرُ عبادهِ وَمَنْ لاَ يُشْقَى بِهِمْ جَليسُهُمْ، فَيَنْبَغِي أن يَعْتَنِيَ الحَاضِرُ بها بإحْيائِهَا (٣) بِالْعِبَادة مِنَ


(١) قد سبقهما بهذا القول خمسة من أئمة التابعين: علقمة والأسود والشعبي والنخعي والحسن البصري رحمهم الله. واحتج لهم بما مَرّ في حديث جابر المار قريباً، وعند الإمام أبي حنيفة إذا لم يكن بالمزدلفة بعد طلوع الفجر لزمه دم إلا لعذر من ضعف أو غيره فإن كان بها أجزأه، وإن لم يكن قبله، وهو ظاهر ما نقله البغوي عن مالك وأحمد، وفي قول لأحمد كالشافعي كما تقدم: يجوز الدفع بعد نصف الليل لعذر أولاً، لقول ابن عباس رضي الله عنهما بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الثقل أو في الضعفة من جمع بليل، وابن عباس لم يكن من الضعفة. وعن أم حبيبة رضط الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث بها من جمع بليل.
(٢) أي بعد نصفه إذ به يدخل وقت الغسل كما في المجموع، والأفضل بعد صلاة الصبح.
(٣) قال في الحاشية وهو لا يحصل إلا بمعظم الليل وإنما يُسَن له ذلك لأنها ليلة عيد. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "من أحيا ليلتي العيد أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب" وإنكار العز ابن جماعة كابن الصلاح لسنة إحيائها لمشقته الشديدة على الحاج لكثرة أعماله قبلها وبعدها، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصح عنه فيه شيء لاضطجاعه عقب صلاته جمعاً إلى الفجر، مردود بما مَرّ من الترغيب الشامل لهذه الليلة، ومَنْ قال يُحْمَل على ما عداها يحتاج لسند، وبأنه لا يلزم من اضطجاعه - صلى الله عليه وسلم - عدم الإحياء لحصوله بالذكر والتفكر، ويؤيد ذلك =

<<  <   >  >>