وفي رحاب البيت قبلة الجميع تكون النفوس أكثر استعداداً لاستشعار معاني الأخوة والتعاون فيصبحون بهذا الاجتماع وبهذا التعارف إخوة متآلفي القلوب متحدي الكلمة، متضامنين حساً ومعنىً متمسكين بحبل الله. فما أجمل هذا الموسم الروحاني وما أعظم ذلك العيد الرباني يلتقي فيه زعماء المسلمين وساستهم، ويتبادلون فيه أسباب الإِصلاح، فيعرف كل منهم ما في بلاد أخيه من التجارة والصناعة والزراعة والفوائد المستحسنة فيقتبس بعضهم من بعض هذه المنافع ويتبادلون تلك المصالح ويرسمون فيه الخطط الرشيدة والوسائل الحكيمة لتكون كلمة الله هي العليا وطريقة المسلمين هي المثلى، وليكون المؤمنون جماعة واحدة في مشارق الأرض ومغاربها، تعمل تحت راية القرآن لتأييد السلام والعدالة في العالم، فالحج مؤتمر إسلامي جليل ومجتمع للقادة حافل في مهبط وحي السماء على أساس من النور الإِلهي والهدي المحمدي، وإلى هذا يشير شيخنا العلامة السيد علوي عباس مالكي، رحمهم الله ورحمنا معهم آمين.
إني أرى الحج في الإِسلام مؤتمراً ... المسلمون على التحقيق أعضاه
دستوره شرعة الإسلام يرسمها ... هَدْي النبي وعين الحق ترعاه
العدل منهجه والحلم حجته ... تجردوا فيه لا مُلك ولا جاه
فهم جنود الهدى فيه نشيدهمُو ... لبيك لبيك أنت الله ربَّاه
منزل النور والتنزيل مَأرِزه ... فالدين يأرِز للأوطان مأواه
فالحج درس عظيم شيق عظمت ... أسرار تشريعه تجلو مزاياه
مهذب لنفوسٍ طالما ركنت ... إلى حضيض الهوى تقفو خطاياه
وهذا قليل من كثير من منافع الحج وأسراره وحكمه، ونجهل منها الكثير وربما كان ما نجهله ونتمتع به أكثر مما نعرفه مما نوّه به علماء الإِسلام