للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ أبو الوليد الأزرقي: أَول من أدار الصفوف حول الكعبةِ وراءَ الإِمَامِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الله القَسْرِيُّ (١) حِيْنَ كَانَ وَالياً عَلَى مَكَّةَ فِي خِلاَفَةِ عَبْدِ الْمَلكِ بْنِ مَرْوَانَ وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أنَهُ ضَاقَ عَلَى النَّاسِ مَوْقِفُهُمْ وَرَاءَ الإِمَامِ فَأَدَارَهُمْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أبِي رَبَاحٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَار وَنُظَرَاؤُهما مِنَ الْعُلَمَاءِ يَرَوْنَ ذَلِكَ وَلاَ يُنْكرُونَهُ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ إذا قَل النَّاسُ في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَيُّهُما أَحَب إِلَيْكَ؟ أَنْ يُصَلوا خَلْفَ الْمَقَامِ أمْ يَكُونُوا صَفَّاً وَاحِداً حَوْلَ الكَعْبَةِ؟ فَقَالَ: أَنْ يَكُونُوا صَفاً وَاحِداً حَوْلَ الْكَعْبَةِ وَالله أَعْلَمُ.

قَالَ أَصحَابُنَا: وَلَوْ صلى مُنْفَرِداً عِنْدَ طَرَفِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الكَعْبَةِ وَبَعْضُ بَدَنِهِ مُحَاذِي الركْنِ وَبَعْضُهُ يَخْرِجُ عَنْهُ لَمْ تَصِحّ صَلاَتُهُ عَلَى الأَصحِّ (٢)، وَلَوْ اسْتَقْبَلَ حِجْرَ الْكَعْبَةِ وَلم يَسْتَقْبِلْهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا فَالأَصَحُ أَنهُ لا تَصحُّ صَلاَتُهُ (٣) وَلَوْ وَقَفَ عَلَى سَطْحِ الْكَعْبَةِ (٤) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ شَاخِص (٥) لَمْ تَصِح


(١) وفي قول نقله الزركشي أن أول من أدار الصفوف حول الكعبة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما وسبب ذلك إنه عيب عليه أن جميع الناس خلف الإِمام والله أعلم.
(٢) أي بخلاف ما لو استقبل الركن فصلاته صحيحة. وإن خرج عنه بعض بدنه من الجانبين لاستقباله للبناء المجاور للركن.
(٣) أي وإنْ استقبل ما في الحجر من الكعبة لأن القبلة لا بد فيها من القطع بأنها قبلة قرب المصلى منها أو بعد وما في الحجر من البيت إنما ثبت بدليل ظني وهو لا يكتفي به فيها ثم بعد القطع باستقبال القبلة لا بد من القطع بمحاذاتها لمن عندها وغلبة الظن للبعيد عنها. وقوله: (مع تمكنه منها) خرج العاجز عن استقبالها، فهذا يصلي على حسب حاله ويعيد.
(٤) أي أو في عرصتها إذا انهدمت والعياذ بالله. والعرصة هي البقعة الواسعة بين الدور ليس بها بناء.
(٥) أي من بنائها أو مسمر فيه أو شجر ثابت فيه أو تراب مجتمع منه بخلاف الحشيش النابت فيه، وكذا العصا المغروزة لأنها معرضة للزوال والله أعلم.

<<  <   >  >>