للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّابِعَةُ: إِذَا صَلى التحِية في الرَّوْضَةِ أَو غَيْرِهَا مِنَ الْمَسْجِدِ شَكَرَ الله تَعَالَى عَلَى هذه النعْمَةِ (١) وَيَسْألُهُ إتْمَامَ مَا قَصَدَهُ وَقَبُولَ زِيارَتِهِ، ثُمَّ يَأتِي الْقَبْرَ الْكَرِيمَ فَيَسْتَدْبِرُ الْقِبلَة (٢) وَيَسْتَقْبِلُ جِدَارَ الْقَبْرِ وَيبعُدُ مِنْ رَأْسِ الْقبْرِ نَحْوَ أرْبَعْةِ أَذْرُعِ.

وَفِي إِحْيَاءِ عُلُومِ الدّين أنْ يَسْتَقْبِلَ جِدَارَ الْقَبْرِ عَلَى نحو أَرْبَعَةِ أَذْرُعِ مِنَ السَّارِيةِ التِي عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ فِي زَاوِيةِ جِدَارِهِ وَيَجْعلَ القِنْدِيل الذي في الْقِبْلَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ عَلَى رَأْسِهِ وَيقف نَاظِراً إِلَى أَسْفَلِ مَا يَسْتَقْبِلُهُ مِنْ جِدَارِ الْقَبْرِ غَاضَّ الطرْفِ في مَقَامِ الهَيْبَةِ وَالإِجْلاَلِ فَارِغَ الْقَلْبِ مِنَ عَلاَئِقِ الدُّنْيَا مُسْتَحْضِراً في قَلْبِهِ جَلاَلَةَ مَوْقِفِهِ وَمَنْزِلَةَ مَنْ هُوَ بِحضرته ثُمَّ يُسَلّمُ وَلاَ يَرفعُ صَوْتَهُ بَلْ يقْتَصِدُ (٣)


= بالقصد من سائر بقاع المسجد مع استمراره على ذلك إلى أن توفاه الله إلا لشرف عظيم، ومن ثَم كان أحب موضع للصلاة ثم ما لم يعارضه فضيلة الصف الأول وما يليه فالتقدم إليه أفضل، خلافاً لما أشار إليه الزركشي، ولو لم يتيسر له التحية في الموقف الشريف فما قرب منه من الروضة ثم ما قرب منها أفضل، ومحل الاشتغال بها إنْ لم ير جماعة تسن له الصلاة معهم أو نحو خوف فوات نحو مكتوبة وإلا قدّم ذلك. اهـ.
(١) أي بقلبه ولسانه لا بسجدة الشكر كما في الحاشية خلافاً للسادة الحنفية القائلين إِنه يسن بعده الإتيان بتحية المسجد أن يسجد لله شكراً وعليه يلزمهم ومَنْ وافقهم سَن سجدة الشكر عند رؤية الكعبة، ولم ينقل ذلك عنه صلوات الله وسلامه عليه ولا عن أحدٍ من الصحب الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
(٢) قال في الحاشية: هو مذهبنا ومذهب الجمهور كما لو كان حياً خلافاً لأبي حنيفة وغيره. اهـ.
(٣) قال تعالى: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} [الحجرات: ٢] وحرمته - صلى الله عليه وسلم - ميتاً كحرمته حياً ورحم الله العلامة ابن القيم إذ يقول في كافيته وشافيته:
وكذا نشدّ رحالنا للمسجد ... النبوي خير مساجد البلدان
فمن بعد مكة أو على الإطلاق ... فيه الخلف منذ زمان =

<<  <   >  >>