للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُسْتَشْفِعاً بِكَ إِلَى رَبّيِ ثُمَّ أنْشَأ يقُولُ:

يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ بِالْقَاعِ أعْظُمهُ ... فَطَابَ مِنْ طِيبهِن القاعُ والأكَمُ

نَفْسِي فِدَاءٌ لِقَبْر أَنْتَ سَاكِنُهُ ... فِيهِ العَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُ وَالْكَرَمُ

أَنْتَ الشفِيعُ الَّذِي تُرْجَى شَفَاعَتُه ... عَلَى الصِّراطِ إِذَا مَا زَلَّتِ القَدَمُ

وَصَاحِبَاكَ فَلاَ أَنْسَاهُمَا أبَداً ... مِنّي السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ مَا جَرَى الْقَلَمُ

قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفَ فَغَلَبتَنِي عَيْنَايَ فَرَأيْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النَّوْمِ فَقَالَ: "يَا عُتْبي إلْحَقْ الأَعْرَابِيَّ وَبَشّرْهُ بِأن الله تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَه". اهـ. ثُمَّ يَتَقَدمُ إلى رَأْسِ النَّبِي فَيقِفُ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالأُسْطُوَانَةِ الَّتِي هُنَاكَ وَيَسْتَقبلُ الْقِبْلَةَ ويحْمَدُ الله تعالى ويُمَجدُهُ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ بِمَا أَهَمَّهُ وَمَا أحَبَّهُ وَلِوَالديهِ وَلِمَنْ شَاءَ مِنْ أقارِبِهِ وأَشْيَاخِهِ وَإِخْوَانِهِ وَسَائِرِ المُسلمينَ ثُمَّ يَأتِي الرّوضَةَ فَيُكْثِرُ فِيهَا مِنَ الدُّعَاءِ وَالصَّلاَةِ. فَقَدْ ثَبَتَ في الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبي هُرَيْرَة رَضي الله عَنْهُ أنّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي (١) رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الْجَنَّةِ (٢) وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي"، وَيقِفُ عِنْدَ الْمِنبر وَيَدْعُو.


(١) وفي رواية كما في الحاشية: (ما بين منبري وبيتي) وفي أخرى (ما بين حجرتي ومنبري) ولا اختلاف لأن قبره - صلى الله عليه وسلم - في بيته والبيت هو الحجرة.
(٢) قال في الحاشية: قيل ومعنى كونه روضة من رياض الجنة أن العمل فيه يوصل لذلك وفيه نظر، والأولى ما قاله الإِمام مالك وغيره رحمهما الله من بقائه على ظاهره فينقل إلى الجنة، وليس كسائر الأرض يذهب ويفنى، أو هي من الجنة الآن حقيقة وإنْ لم تمنع نحو الجوع، عملاً بأصل الدار الدنيوية. وأنها آيلة للفناء، ومعنى قوله: (ومنبري على حوضي) أن ملازمة الأعمال الصالحة عنده تورد الحوض كذا قيل، وقيل يعيده الله على حاله فينصبه على حوضه وهو الأولى أيضاً لأن الأصل بقاء اللفظ على ظاهره الممكن. اهـ.

<<  <   >  >>