للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنجلترا وأمريكا: ففي إنجلترا -أسبق الدول إلى الثورة الصناعية- وصل عامة الناس والعمال منهم خاصة إلى درجة من البؤس والفاقة والتسخير لا تكاد تصدق.

كان النساء والأطفال يعملون في مناجم الفحم، ويجرون العربات في دهاليز ضيقة تحت الأرض مدة (١٦) ساعة يومياً نظير أجور زهيدة، وكذلك كانت معامل النسيج والمصانع الأخرى تسخرهم بالعمل المرهق في أماكن غير صحية ولا تعطيهم إلا الكفاف من الرزق (١) وكل البحوث التي تناولت موضوع الثورة الصناعية كشفت هذه الحقيقة، بل إن أثرها ليبدو في الأدب الإنجليزي، إذ نجد ديكنز كبير الروائيين الإنجليز يتعرض لحال الملاجئ والفقراء في رواية أوليفر تويست، ويجعل موضوع روايته الأخرى أوقات عصيبة هو مشكلة النزاع بين أصحاب المصانع والعمال والأضرار الاجتماعية الناجمة عن الثورة الصناعية (٢).

فإذا انتقلنا إلى أمريكا رأينا أيضاً حالة مزرية تحدث عنها أحد من يسمون المصلحين قائلاً: "إننا جميعاً في الشمال والجنوب نعمل في تجارة الرقيق الأبيض، وبقدر نجاح الشخص فيها يزداد احترامه، وهذه التجارة أشد قسوة من تجارة الرقيق الأسود؛ لأنها تفرض مزيداً من العمل على عبيدها، في الوقت الذي لا تحميهم فيه ولا تسوسهم برفق تفاخر بأنها تفرض المزيد.

نعم إنه (العامل) بعد انتهاء عمل اليوم يصبح حراً إلا أنه


(١) انظر تاريخ العالم-هاملتون، (ج:٥)، فصل: قضية المرآة وتطورها عبر التاريخ.
(٢) انظر سلسلة تراث الإنسانية: (٢/ ٥٨٧) والأولى ترجمها منير البعلبكي إلى العربية.

<<  <   >  >>