للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا تمساه كيلا تموتا، فقالت الحية للمرأة: لن تموتا!! إنما الله عالم أنكما في يوم تأكلان منها تنفتح أعينكما وتصيران كآلهة عارفي الخير والشر ورأت المرأة أن الشجرة طيبة للمأكل وشهية للعيون، وأن الشجرة منية العقل فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت بعلها أيضاً معها، فأكل فانفتحت أعينهما! فعلما أنهما عريانان فخاطا من ورق التين وصنعا لهما مآزر. وقال الرب الإله: هوذا آدم قد صار كواحد منا، يعرف الخير والشر، والآن لعله يمد يده فيأخذ من شجرة الحياة أيضاً، ويأكل فيحيا إلى الدهر؛ فأخرجه الرب الإله من جنة عدن".

وأما الإرث الوثني، فخير نموذج له الأسطورة الإغريقية الشهيرة: زيوس هو رب الآلهة والناس جميعاً، وكانت الصراعات بينه وبين الآلهة تنشب باستمرار، وكان بينه وبين الإله (بروميتوس) عداوة أيضاً، فخلق بروميتوس الإنسان من الطين، وعندما انتهى من تشكيله نفخت فيه الروح الإلهة (أثينا)، وحقد (زيوس) على الجنس البشري، وقصد حرمانهم من كل خير في الدنيا، وابتلاهم بحرمانهم من النار التي هي ضرورية جداً للإنسان، ولكن (بروميتوس) سرق النار، من السماء أو من مصنع (هيفايستوس) إله النار والحرف وبخاصة الحدادة، كما علم البشر الفنون والحرف متحدياً الإله الأكبر، فلما تعلم الإنسان ذلك يئس (زيوس) من مقدرته على إهلاكه، لكنه ظل على الدوام يتحين الفرصة للانتقام منه وتقليل فرص المعرفة أمامه، كيلا يتجاوز حدوده فيصبح إلهاً" (١).

هذا ولا يحط من قيمة هذا العامل أن علماء الغرب قد نبذوا الإيمان بالدين والأساطير إيماناً اعتقادياً، وأصبحت قضايا تاريخية وأدبية (فإنه من المشهور في علم النفس أن الإنسان قد يفقد جميع الاعتقادات


(١) انظر مثلاً أساطير الإغريق، (ج٥)، سلسلة تراث الإنسانية.

<<  <   >  >>