للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهي لا تكشف عن أسرارها إلا قسراً، فلا تعطي الباحثين من هذه الأسرار في كثير من الأحيان إلا بدائل للحقيقة فقط" (١).

وهذا يذكرنا بقول (داروين) -أيضاً- أن الطبيعة كانت تكذب عليه مراراً خلال مشاهداته (٢).

وإذا كانت هذه هي نظرة العلماء إلى الطبيعة، أي الإله الجميل الذي فروا إلى أحضانه هرباً من سطوة إله الكنيسة، فما بالك بنظرتهم إلى الله تعالى، الذي لا يتبادر إلى أذهانهم عند إطلاقه إلا أنه إله الكنيسة الطاغي الحقود، الذي يتعمد تجهيل الجنس البشري وحرمه من المعرفة؟، لقد ذهب بهم الغلو إلى حد أنهم يرفضون ذكر اسم الله على أي بحث علمي أو فيه، حتى لو كان للتبرك فقط.

ولنفرض أن عالماً لا دينياً قاده عقله ونظره إلى استنتاج حقائق رائعة وأسرار مذهلة؛ لم تملك فطرته حيالها إلا أن تستيقظ قائلة: إن الله هو الذي صنع هذا، وغير سائغ أن ننسبه إلى أي مسمى أعمى غامض كالطبيعة والمصادفة ... إلخ، فماذا يكون موقف (أحرار الفكر العلميين) منه؟

يقول (ليكونت دي نوي): "لا يشعر اللاأدريون والملحدون بشيء من القلق لكون عالمنا المعضي (العضوي) الحي، لا يمكن فهمه بدون افتراض الله، (ويظهر إيمانهم ببعض العناصر الطبيعية التي لا يعرفون عنها إلا النزر اليسير بمظهر إيمان لا عقلي، وهم يشعرون بذلك، وقد ظل بعضهم عبيداً للفظية ساذجة، وقد بدا لي البرهان على ذلك في رسالة تلقيتها بعد نشر أحد مؤلفاتي يوجه إلي صاحبها أشد اللوم، لأنني استعضت عن كلمة


(١) الفضاء الخارجي والإنسان: (٢٥).
(٢) فن البحث العلمي و. أ. ب. بفردج: (٤٩).

<<  <   >  >>