=الدليل الثاني: ما أخرجه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا).
وفي قوله: وإذا قرأ فأنصتوا خلاف طويل ومتشعب:
- فمن الحفاظ من يرى أن هذه اللفظة وإن كانت في مسلم أنها غير محفوظة.
- ومنهم من يصححها وعلى رأسهم الإمام مسلم.
=الدليل الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: (من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة).
فإن قيل: أن الإمام البخاري أعل هذا الحديث بالإرسال.
فالجواب: أن حكم البخاري على الحديث بالإرسال حكم صحيح فهو حديث مرسل ضعيف لكن الاحتجاج به صحيح.
وجه ذلك: أن هذا المرسل عضد بأشياء:
الأول منها: أنه يتوافق مع ظاهر القرآن.
والثاني: أن مرسله من كبار التابعين.
الثالث: أنه أفتى به جمهور السلف.
والحديث المرسل إذا عضد بهذه الأشياء صار حجة باتفاق الأئمة الأربعة وهذا الحديث من هذا الباب.
=الدليل الرابع: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة جهرية فما انتهى قال: (هل قرأ أحد منكم معي) قالوا: نعم يارسول الله. قال: (فإني أقول مالي أنازع القرآن) فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر به.
وهذا الحديث نص في المسألة لأنه يقول انتهى الناس عن القراءة معه صلى الله عليه وسلم فيما جهر به.
فإن قيل: إن الإمام البخاري أعل هذا الحديث بأن قوله في آخر الناس: (فانتهى الناس) من كلام الزهري وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
فالجواب: أن ما أعل به البخاري هذا الحديث صحيح فهذه اللفظة موقوفة على الزهري لكن مع ذلك هو حجة.
السبب: أن هذا الكلام على فرض أنه صدر عن الزهري فإن الزهري أحفظ السلف وأعلمهم بالسنة فإذا كان يجزم أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انتهوا عن القراءة فيما جهر به النبي صلى الله عليه وسلم فهو يجزم بعلم علمه وذلك باعتبار أنه أعلم الناس بالسنة.
=الدليل الخامس: أن قراءة الفاتحة لو كانت واجبة على المأموم - في الجهرية - للزم من ذلك أحد أمرين:
- إما أن يقرأ المأموم مع الإمام في وقت واحد.
- أو يجب على الإمام أن يسكت ليقرأ المأموم.