على ما يُحِبُّهُ ويرضاه، ويزيده مما يقربه إليه، ويرفع به درجته.
- وجميع ما يؤتيه اللَّه لعبده من هذه الأمور، إن استعان به على ما يحبه اللَّه ويرضاه، ويُقَرِّبُهُ إليه، ويرفع درجته، ويأمره اللَّه به ورسوله، ازداد بذلك رِفْعَةً، وقربًا إلى اللَّه ورسوله، وعَلَتْ درجته، وإن استعان به على ما نهى اللَّه عنه ورسوله؛ كالشرك، والظلم، والفواحش؛ استحق بذلك الذَّمَّ والعقاب، فإن لم يتداركه اللَّه -تَعَالَى- بتوبة، أو حسنات مَاحِيَةٍ، وإلا كان كأمثاله من المُذنبين؛ ولهذا كثيرًا ما يُعَاقَبُ أصحاب الخوارق، تارة بسلبها، كما يُعْزَلُ الملك عن ملكه، ويُسلَب العَالِمُ علمه، وتارة بسلب التطوعات، فينقل من الوَلاية الخاصة إلى العامة، وتارة ينزل إلى درجة الفسَّاق، وتارة يرتدُّ عن الإسلام، وهذا يكون فيمن له خوارق شيطانية، فإن كثيرًا من هؤلاء يرتد عن الإسلام، وكثيرًا منهم لا يعرف أَن هذه شيطانية، بل يَظُنُّها من كرامات أَولياء اللَّه، ويظن من يَظُنُّ منهم أن اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- إذا أَعطى عبدًا خَرْقَ عادةٍ لم يحاسبه على ذلك، كمن يظن أن اللَّه إذا أعطى عبدًا مُلكًا، ومالًا، وتصرفًا، لم يحاسبه عليه، ومنهم من يستعين بالخوارق على أُمور مباحة، لا مأمور بها، ولا منهي عنها، فهذا يكون من عموم الأَولياء، وهم الأَبرار المقتصدون، وأَما السابقون المقربون فأَعلى من هؤلاءِ، كما أَن العبد الرسول أَعلى من النبي الملِك.
ولما كانت الخوارق كثيرًا ما ينقص بها درجةُ الرجل، كان كثير من الصالحين يتوب من مثل ذلك، ويستغفر اللَّه -تَعَالَى-، كما يتوب من الذنوب؛ كالزنا، والسرقة، وتُعْرَضُ على بعضهم فيسأَل اللَّه زوالها، وكلهم يأمر المرِيدَ السالك ألا يقف عندها، ولا يجعلها همته، ولا يتبجح بها (١)، مع ظنهم أَنها
(١) قال ابن الجوزي رحمه الله -تعالى-: "ولما علم العقلاء شدة تلبيس إبليس حذروا من أشياء ظاهرها الكرامة، وخافوا أن تكون من تلبيسه .. ، وعن رابعة أنها أصبحت يوما صائمة في يوم بارد، قالت: (فنازعتني نفسي إلى شيء من الطعام السخن أفطر عليه، وكان عندي شحم، فقلت: =