للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس: ٦٢، ٦٣]، وبالفرائض والنوافل كما في حديث الوَلاية (١).

- وكما لم يكلفنا الله بالتطلع إلى المحسوسات البعيدة عنا في أقطار الأرض وأعماقها، كذلك لا يكلفنا هذا بالنسبة للأمور الغيبية.

- وأخيرًا: "فإن هذه الطريقة لو كانت حقًّا، فإنما تكون في حق مَن لم يأته رسول، فأما مَن أتاه رسول وأُمِر بسلوك طريق، فمَن خالفه ضلَّ، وخاتم الرسل -صلى الله عليه وسلم- قد أمر أُمَّته بعبادات شرعية مِن صلاة وذكر ودعاء وقراءة، لم يأمرهم قط بتفريغ القلب مِن كل خاطر وانتظار ما ينزل!

فهذه الطريقة لو قُدِّر أنها طريق لبعض الأنبياء لكانت منسوخة بشرع محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكيف وهي طريقة جاهلية لا توجب الوصول إلى المطلوب إلا بطريق الاتفاق، بأن يقذف الله -تعالى- في قلب العبد إلهامًا ينفعه؟ وهذا قد يحصل لكل أحد، ليس هو من لوازم هذه الطريق.

ولكن التفريغ والتخلية التي جاء بها الرسول أن يفرغ قلبه مما لا يحبه الله، ويملأه بما يحبه الله، فيفرغه من عبادة غير الله، ويملؤه بعبادة الله، وكذلك يفرغه من محبة غير الله، ويملؤه بمحبة الله، وكذلك يخرج عنه خوف غير الله، ويدخل فيه خوف الله تعالى، وينفي عنه التوكل على غير الله، ويثبت فيه التوكل على الله. وهذا هو الإسلام المتضمن للإيمان الذي يمده القرآن ويقويه، ولا يناقضه وينافيه، كما قال جندب وابن عمر: "تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن، فازددنا إيمانًا".

وأما الاقتصار على الذِكْر المجرَّد الشرعي مثل قول: "لا إله إلا الله " -فهذا

قد ينتفع به الإنسان أحيانًا، ولكن ليس هذا الذِكْر وحده هو الطريق إلى الله


(١) انظر: "الموافقات" (٢/ ٢٩٨ - ٣٠٢)، و"مقاصد المكلفين" للدكتور عمر الأشقر ص (٤٧٥ - ٤٨٠).

<<  <   >  >>