للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-تعالى- دون ما عداه، بل أفضل العبادات البدنية الصلاة ثم القراءة ثم الذِكْر ثم الدعاء" (١).

ومما قاله الغزالي -أيضًا-: " فَأمَّا من يأخذ معرفة هذه الأمور (٢) من السمع المجرد، فلا يستقر له فيها قدم، ولا يتَعَيَّنُ له موقف" (٣) اهـ.

علَّق شيخ الإسلام ابن تيمية قائلًا: "قلت: هذا الكلام مضمونه أنه لا يُسْتَفَادُ من خبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- شيء من الأمور العلمية، بل إنما يُدْرِكُ ذلك كل إنسان بما حصَلَ له من المشاهدة والنور والمكاشفة".

وقال -أيضًا-: "وهذان أصلان للإلحاد؛ فإن كل ذي مكاشفة إن لم يَزِنْهَا بالكتاب والسنة، وإلا دخل في الضلالات" (٤).

وقال -رحمه الله-: "وما جاء به الرسول معصوم لا يستقر فيه الخطأ، وأما ما يقع لأهل القلوب من جنس المخاطبة والمشاهدة: ففيه صواب وخطأ، وإنما يُفَرَّقُ بين صوابه، وخطئه بنور النبوة.

قال بعض الشيوخ ما معناه: قد ضُمِنَتْ لنا اْلعصمة فيما جاء به الكتاب والسنة، ولم تُضْمَنْ لنا العصمة في الكشوف ثم قال شيخ الإسلام: "من المعلوم أن هذا -أي الكشف- لو كان ممكنًا؛ لكان السابقون الأوَّلُونَ أَحَق الناس بهذا، ومع هذا فما منهم من ادَّعى أنه أدرك بنفسه ما


(١) "مجموع الفتاوى" (١٠/ ٣٩٩).
(٢) يقصد بهذه الأمور: معرفة ما يُتأول من الصفات الألهية وغيرها مما لا يُتأول، وقد حكى مذهب الأشعرية، ثم المعتزلة ثم الفلاسفة، ثم قال: "وحد الاقتصاد يين هذا الانحلال كله وبين جمود الحنابلة دقيق غامض، لا يطلع عليه إلا الموفقون الذين يدركون الأمور بنور إلهي لا بالسماع (يعني الأدلة السمعية من الكتاب والسنة)، فما وافق ما شاهدوه بنور اليقين قرروه، وما خالف أولوه" اهـ. من "الأحياء" (١/ ١٠٤).
(٣) "نفس المصدر".
(٤) وانظر شيئًا من هذه الضلالات مفصلة في "الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة" ص (١٤٣ - ١٩٩)، و"أبو حامد الغزالي والتصوف" ص (١٧٩ - ٢٠١).

<<  <   >  >>