{وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي}، فلم يفعل عن أمر الله الصادق، ووحيه القطعي، ومثل هذا الأمر، والوحي القطعي قد انقطع بوفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا وحي بعده، ومن ادَّعى شيئًا من ذلك، فقد كفر؛ لأنه بذلك خالف القرآن الذي يقول اللَّه فيه:{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}[الأحزاب: ٤٠](١)".
وقد أيَّد القولَ بنبوة الخَضِر العلامة القرآني محمد الأمين الشنقيطي -رحمه اللَّه-، ثم ناقش حجية الإلهام، وضوابط التعامل معه؛ حيث قال -رحمه اللَّه - تَعالَى-:
اعلم أولًا أن الرحمة تكَرَّرَ إطلاقها على النبوة في القرآن، وكذلك العلم المؤتى من الله تكرَّرَ إطلاقه فيه على علم الوحي، فمن إطلاق الرحمة على النبوة قوله -تَعَالَى- في "الزخرف": {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} ... الآية [الزخرف: ٣١، ٣٢]؛ أي نبوته حتى يتحكموا في إنزال القرآن على رجل عظيم من القريتين، وقوله -تَعَالَى- في سورة "الدخان": {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} ... الآية [الدخان: ٤، ٦]، وقوله -تَعَالَى- في آخر "القصص": {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} الآية [القصص: ٨٦] ...
ومن إطلاق إيتاء العلم على النبوة قوله -تَعَالَى-: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}[النساء: ١١٣]، وقوله:{وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} الآية [يوسف: ٦٨] ... إلى غير ذلك من الآيات.