إمكان اطلاعهم على ما في القلوب من أبطل الباطل، كيف لا، وذلك من صفات رب العالمين، المنفرد بعلم الغيب، والاطلاع على ما في الصدور، وليت شعري، كيف يزعم هؤلاء ذلك الزعم الباطل، واللَّه -عز وجل- يقول في كتابه: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: ٢٦، ٢٧]، فهل يعتقدون أن أولئك الأولياء رسل من رسل اللَّه حتى يصح أن يُقَالَ إنهم يطلعون على الغيب بإطلاع الله إياهم؟!! سبحانك هذا بهتانٌ عظيم!!
على أنه لو صَحَّ تسمية ما وَقَعَ لعمر -رضي اللَّه عنه- كَشْفًا، فهو من الأمور الخارقة للعادة، التي قد تقع من الكافر -أيضًا-، فليس مجرد صدور مثله بالذي يدل على إيمان الذي صدر منه فضلًا عن أنه يدل على وَلايته؛ ولذلك يقول العلماء:"إن الخارق للعادة: إن صدر من مسلم فهو كرامة، وإلا فهو استدراج"، ويضربون على هذا مثلًا الخوارقَ التي تقع على يدِ الدجَّال الأكبر في آخر الزمان؛ كقوله للسماء: أمطري، فتمطر، وللأرض: أنبتي نباتك، فتنبت، وغير ذلك مما جاءت به الأحاديث الصحيحة.
ومن الأمثلة الحديثة على ذلك؛ ما قرأته اليوم من عدد (أغسطس) من السنة السادسة من مجلة "المختار" تحت عنوان: "هذا العالم المملوء بالألغاز وراء الحواس الخمس"، ص (٢٣): قصة (فتاة شابة ذهبت إلى جنوب أفريقية للزواج من خطيبها، وبعد معاركَ مريرةٍ معه، فسخت خِطبتها بعد ثلاثة أسابيع، وأخذت الفتاة تذرع غرفتها في اضطراب، وهي تصيح في أعماقها بلا انقطاع:"أواه! يا أماه ... ماذا أفعل؟ "، ولكنها قررت ألا تزعج أمها بذكر ما حدَثَ لها، وبعد أربعة أسابيع تلقت منها رسالةً جاء فيها: ماذا حدث؟ لقد كنت أهبط السلم عندما سمعتك تصيحين قائلة:"أوَّاهُ يا أماه .. ماذا أفعل؟ "، وكان تاريخ الرسالة متفقًا مع تاريخ اليوم الذي كانت تصيح فيه من أعماقها).