للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القواريري -رحمه اللَّه-: "مذهبنا هذا مُقيَّدٌ بالكتاب والسنة" (١)، نقله عنه غير واحد ممن ترجمه -رحمه اللَّه-، كابن كثير، وابن خلكان، وغيرهما، ولا شك أن كلامه المذكور هو الحق؛ فلا أمر ولا نهي إلا على ألسنة الرسل -عليهم الصلاة والسلام-، وبهذا كُلِّه تعلم أن قتل الخَضِرِ للغلام، وخرقه للسفينة، وقوله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} [الكهف: ٨٢]، دليل ظاهر على نُبُوَّتِه، وعزا الفخر الرازي في "تفسيره" القول بنبوته للأكثرين.

ومما يُسْتَأْنَسُ به للقول بنبوته: تواضع موسى -عليه الصلاة والسلام- له في قوله: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: ٦٦]، وقوله: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} [الكهف: ٦٩]، مع قول الخَضِر له: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف: ٦٨] اهـ (٢).

وقال العلامة محمد ناصر الدين الألباني -رحمه اللًه- تعليقًا على أثر: "يا سَاريَةُ الجَبَلَ":

"ومما لا شك فيه أن النداء المذكور إنما كان إلهامًا من اللَّه -تَعَالَى- لعمر، وليس ذلك بغريب عنه؛ فإنه "محدَّث"؛ كما ثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولكن ليس فيه أن عمر كُشِفَ له حالُ الجيش، وأنه رآهم رأي العين؛ فاستدلال بعض المتصوفة بذلك على ما يزعمونه من الكشف للأولياء، وعلى


(١) ومثله ما حكاه شيخُ الإسلام ابن تيمية عن أبي الحسن الشاذلي قال: "قد ضُمنت لنا العصمة فيما جاء به الكتاب والسنة، ولم تضمن لنا العصمة في الكشوف والإلهام" "مجموع الفتاوى" (٢/ ٢٢٦).
وقال أبو سليمان الداراني: "إنه لتقع في قلبي النكتة من نكت القوم، فلا أقبلها إلا بشاهدين عدلين: الكتاب، والسنة". "تلبيس إبليس" ص (١٦٢).
وقال أبو عثمان النيسابوري: "من أمَّرَ على نفسه الشريعة قولًا وفعلًا، نطق بالحكمة، ومن أمَّر على نفسه الهوى قولًا وفعلًا، نطق بالبدعة؛ لأن اللَّه -تَعَالَى- يقول: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: ٥٤]. وقال أبو عمرو بن نجيد: "كل وَجْدٍ لا يشهد له الكتاب والسنة؛ فهو باطل" كما في: "قطر الولي" ص (٢٥٢).
(٢) "أضواء البيان" (٤/ ١٥٨ - ١٦٢).

<<  <   >  >>