فقال رجل من أصحابه: كُنَّا نحن أحقُّ بهذا من هؤلاء، قال: فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحًا ومساء؟ " قال: فقام رجل غائر العينين، مُشرف الوجنتين، ناشز الجبهة، كث اللحية، محلوق الرأس، مُشمِّر الإزار، فقال: يا رسول الله! اتق الله، قال:"ويلك، أولستُ أحقُّ أهل الأرض أن يتقي الله؟ " قال: ثم ولى الرجل، قال خالد بن الوليد: يا رسول الله! ألا أضرب عنقه؟ قال:"لا، لعله أن يكون يصلي" فقال خالد: وكم من مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لم أُومر أن أَنقُب قلوب الناس ولا أشقَّ بطونهم". قال: ثم نظر إليه وهو مُقَفٍّ فقال: "إنه يخرج من ضئضيء هذا قوم يتلون كتاب الله رطبًا لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّميَّة، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» (١).
(١) البخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب بعث علي بن أبي طالب، وخالد بن الوليد= = - رضي الله عنهما - إلى اليمن ٨/ ٦٧ برقم ٤٣٥١، ومسلم، في كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم ٢/ ٧٤١، برقم ١٠٦٤.