ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أعظم الناس أناةً وتثبتًا، فكان لا يقاتل أحدًا من الكفار إلا بعد التأكد بأنهم لا يقيمون شعائر الإسلام، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا بِنا قومًا لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر، فإن سمع أذانًا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانًا أغار عليهم. . .»(١).
المثال الثاني: قبل القتال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعلِّم ويُربِّي أصحابه على الأناة والتثبت في دعوتهم إلى الله - تعالى - ومن ذلك أنه كان يأمر أمير سَرِيَّته أن يدعو عدوه قبل القتال إلى إحدى ثلاث خصال:
الإسلام والهجرة، أو إلى الإسلام دون الهجرة، ويكونون كأعراب المسلمين.
فإن أبوا الإسلام دعاهم إلى بذل الجزية.
(١) البخاري مع الفتح بلفظه مطولاً، في كتاب الأذان، باب ما يحقن بالأذان من الدماء ٢/ ٨٩، برقم ٦١٠، ومسلم، في الصلاة، باب الإمساك عن الإغارة على قوم في دار الكفر إذا سُمِعَ فيهم الأذان ١/ ٢٨٨، برقم ٣٨٢.