كان لنجاح رهبان الأديرة (المنتمين لفكر جماعة الأمة القبطية) في اجتذاب عدد من الجامعين والمثقفين وأصحاب النفوذ وكذلك رجال الدين أسوأ الأثر على سلطة الكنيسة القبطية .. واستطاعوا اختراقها والتأثير على قراراتها بممارسة كافة الضغوط عليها .. سواء شعبية من قبل الأقباط النصارى الذين اعتنقوا أفكار الجماعة .. أو بالضغوط المالية من الطبقات المميزة من الباشوات المسيحين الأقباط وأصحاب النفوذ والمال وذوي المناصب الرفيعة بالدولة الذين تربوا على أيدي ومناهج قيادات جماعة الأمة القبطية ..
حتى وصلت نفوذ تلك الجماعة للتدخل في اختيار البطريرك .. وكان القمص سرجيوس المعروف في تاريخ ثورة ١٩١٩ وصاحب صحيفة (المنارة المرقصية) ثم (المنارة المصرية) من أقطاب المتحمسين لفكر الجماعة .. وإمعانا في التضليل اطلقت الجماعة مفهوم الإصلاحيين على اعضائها لتعطى لتواجدها الحق في التدخل في شئون الكنيسة .. ونجحوا بمساعديهم من رجال الدين داخل الكنيسة من ترشيح الأنبا مكاريوس ١٩٤٢ .. ولكن خابت ظنونهم وآمالهم فيه فلم يكن على قناعة بأفكارهم ولم يكن من السهل عليه تفضيل تلك الأفكار العنصرية الهدامة والأساليب الماكرة على التعاليم المسيحية .. واحتد الخلاف بينهم إلى أن ترك منصب البابوية زاهدا فيه وأقام بقية عمره في أحد الأديرة حتَّى توفي بعدها بسنوات قليلة ..
واستعاد رجال الكنيسة الام من المحافظين على تعاليم المسيحية القبطية بعض نفوذهم وانتخبوا الأب يوساب الثاني بطريركا للكنيسة القبطية لورعه وإخلاصه لتعاليم الكنيسة .. وكانت تلك المرحلة من أسوأ مراحل جماعة الأمة القبطية وأيضًا من أخطر الفترات في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية القبطية .. والَّتِي دفع الأنبا يوساب الثاني حياته ثمنا لرفضه تعاليم تلك الجماعة الإجرامية.
ومن منظور جميع المخلصين لتعاليم المسيحية الأرثوذكسية القبطية وكل المعاصرين لفترة الأنبا يوساب الثاني من الأقباط النصارى سواء مما اتفقوا معه في حكمته وورعه في قيادته للكنيسة أو ممن اختلفوا معه من هؤلاء المنتمين لأفكار الجماعة فإن أحدا لم يستطع أن ينكر عليه طيبته وخلقة الكريمة .. لم يجرؤ أحد من أعداءه على التطاول عليه بالوصف أو الذم مثلما فعلوا بالبطاركة قبله ممن تصدوا لهم .. أو أن ينال من صفاته بشيء ..
ورغم ضعف صورته وهيئته وكبر سنه إلَّا أن تاريخ الكنيسة يشهد له بالجهد الكبير الذي بذله والذي يفوق إمكانياته الصحية وشيخوخته للتصدى لتلك الجماعة بكل ما أوتي من قوة وجهد وإصرار على استعادة وترسيخ تعاليم المسيح بالكنيسة وإزالة كل ما تعلق بالاذهان من تعاليم تلك الفئة الضالة .. فقام باختيار مساعديه وحاشيته من رجال الدين الذين لم تلوث عقولهم وقلوبهم بتعاليم تلك الجماعة المنحرفة .. وقام بتطهير الكنائس والأديرة من شرذمة تلك الجماعة الَّتِي