للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتمضي الأسطورة حتى تصور القوم أنفسهم، وكلاء عن شعب مصر في ماضيه وحاضره، كما زينت لهم الأساطير أن شعب مصر كان على ما هم عليه من اعتقاد اليوم، كما تزين لهم اليوم أعدادًا وأحوالًا وأهوالًا، ليس لها واقع إلا في أذهانهم.

فما هي الحقيقة؟ وما هي طبيعة الجغرافيا السكانية لمصر في ذلك الزمان؟

كم كان عدد المصريين حين الفتح الإسلامي؟

[نقاء العنصر]

على الرغم من عنصرية الفكرة وسخافتها، ورفضها دينيًّا وحضاريًّا؛ إلا أنها لا تخدم مسيحيِّي بلادنا في دعواهم، فقد اختلط المصريون بشعوب شتى من المناطق المجاورة لهم، فلم يكن كل من كان يعيش في مصر قبل دخول الإسلام من أصل فرعوني،

فسكان مصر كانوا عبارة عن خليط من أجناس وأديان وأعراق عدة، وأغلبهم كان من الإغريق واليهود، بالإضافة إلى أعداد من آسيا الصغرى، وكذلك العرب.

يقول المؤرخ (د. محمد شفيق غُربال): (أعني بالمصري: كل رجل يصف نفسه بهذا الوصف، ولا يحس بشيء ما يربطه بشعب آخر، ولا يعرف وطنًا له غير هذا الوطن، مهما كان أسلافه غرباء عن مصر في واقع الأمر) [«تكوين مصر عبر العصور»: ص ١٤]، ثم يقول في بيانه للأسلاف: (الإغريق، واليهود، ومَن إليهم من الغرباء) [المصدر السابق: ص ٢٧].

يؤكد ذلك ما هو ثابت من كون اليهود، والإغريق كانوا يعملون كمرتزقة في جيش (أبسماتيك الثاني) «٥٩٣ - ٥٨٩ ق. م»، إضافةً إلى أن ملوك الأسرة السادسة والعشرين، الذين كان أبسماتيك ينتمي إليهم، ذوو أصول ليبية (١)، وقد عُرف عصرهم بالعصر الصَّاوي؛ نسبة إلى (صا الحجر).

ويذكر (د. مصطفى عبد العليم) أن: (ملوك العصر الصاوي، كانوا يشجعون الأجانب على القدوم إلى مصر؛ للاشتغال بالتجارة والجندية) (٢).

<<  <   >  >>