ولكن كل دروب السحر ومدارسه .. وبمنتهى القوة اتخذت ادراة الدير بكبار رهبانها قرارات حازمة شديدة اللهجة بمراجعة الراهب مينا البراموسي ونهيه عن استخدام السحر باعتباره كفر ومخالف للتعاليم المسيحية ومدرسة شيطانية لا تليق براهب يبحث عن رضا الرب .. ومؤكدين على تحريم المسيح للسحر وخاصة بما يتعلق بالعين عندما رأى شرور اليهود تنفث من عيونهم .. وطالبوا الراهب مينا بالتوبة والتراجع عن استخدام تلك المهارات الشيطانية ..
ورغم إبدائه للاستجابة وأخذه بالنصيحه إلَّا أنهم لم يطمئنوا لمصداقيته واعتبروا محاولته استمرارا في المكر والخديعة للبقاء اطول وقت بالدير .. والَّتِي قد يكون لها الأثر السيء على قوانين ورهبان الدير .. تم إيقافه وعزله لفترة لمراجعة اتجاهاته والتوبة عن تلك السلوكيات المرفوضة عقائديًا .. ولم يكن قد استكمل الخمس سنوات الأولى في تاريخه الرهباني واللازمة لتقرير ما إذا كان يصلح للاستمرار في سلك الرهبانية أو استبعاده ..
وخرج الراهب مينا البراموسي من الدير لقضاء فترة عزلته هاربا إلى مكان مهجور بعيد عن الأعين في منطقة تل الطواحين بمصر القديمة لا يرتاده إلَّا الخارجون على القانون في المجتمع .. وتبعه عدد من الرهبان الموقوفين والمطرودين من الأديرة ..
[السحر الأسود]
لم تكن المرة الأولى الَّتِي يتهم فيها رجال ورهبان الكنيسة القبطية بممارسة السحر .. فقد سبق واتهم مسيحي الرومان الكاثوليك أقباط مصر بممارسة السحر وكان ذلك قبل الفتح الإسلامي لمصر .. واعتبر مسيحي الرومان المسيحية القبطية مزيج من المسيحية وطقوس الديانة الفرعونية الوثنية القديمة .. لذا وصلت حروب الرومان للأقباط لحد الإبادة .. وكانوا يرون الشر كل الشر في أتباع للكنيسة القبطية تحت اسم المسيحية ..
وكان المسيحيون الرومان يرون في الرهبان القدامى والمنتمين للديانة القبطية فئة ضالة وأن منشأ رهبانيتهم مؤسسها الشيطان حيث كانوا يسكنون قبور الفراعنة وبقايا معابدهم ومساكنهم ومغاراتهم القديمة .. وكان الرومان المسيحين يرون تلك الأماكن الوثنية ملعونة بنص العهد القديم منذ أن عاقب الله فراعنة مصر .. ويعتبرون بقاء الأقباط النصارى سواء رهبان أو قديسين أو غيرهم فترات طويلة في تلك الأماكن بعيدا عن توافر الماء للاستحمام والطهارة يجعل أبدانهم نجسة عرضة لالتباس الشياطين لهم .. وكانوا ينكرون على الأقباط النصارى حبهم وولعهم بكل ما يمت الفراعنة الوثنيين .. حتَّى